زوكربيرغ يعتذر أمام الكونغرس: نخوض سباق تسلّح مع روسيا

11 ابريل 2018
يمثل زوكربيرغ اليوم أيضاً (ألكس وونغ/Getty)
+ الخط -
استهلّ المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوكمارك زوكربيرغ، شهادته أمام الكونغرس الأميركي، الثلاثاء، باعتذار علني عن فضيحة الخصوصية التي طاولت عملاق التواصل الاجتماعي الذي أسسه قبل أكثر من عشر سنوات، لكنّه ترك بعض الأسئلة من دون أجوبة، على أن يرد مجددًا الأربعاء على أسئلة البرلمانيين الأميركيين.

وفي بيانه الافتتاحي أمام أعضاء مجلس الشيوخ، اعتذر زوكربيرغ كذلك عن الأخبار المزيفة وخطاب الكراهية ونقص خصوصية البيانات والتدخل الروسي في وسائل الإعلام الاجتماعية في انتخابات عام 2016. وقال إنّ التعامل الفوري مع خطاب الكراهية ينطوي على "هامش خطأ بأكثر مما أرضى به".

وجاء استجواب زوكربيرغ أمام جلسة مشتركة لعدة لجان بمجلس الشيوخ الأميركي، وذلك بعدما تم الكشف خلال الأسابيع القليلة الماضية عن فضيحة استغلال شركة الاستشارات السياسية وتحليل البيانات "كامبريدج أناليتكا"، البيانات الشخصية لحوالى 87 مليون مستخدم، أغلبهم أميركيون، واستخدامها في أغراض انتخابية حول العالم، وبينها حملة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب في 2016. بينما تقول "كامبريدج أناليتكا" إنها لم تتلقَّ سوى بيانات عن 30 مليون مستخدم.

وخلال مثوله الأول الذي كان يُنتظر بترقب شديد، واجه زوكربيرغ، على مدى خمس ساعات، أسئلةً كثيرة طرحها أعضاء مجلس الشيوخ حول إدارته لمشكلة سوء استخدام منصته ولمسألة حماية البيانات الشخصية وصولاً إلى التلاعب السياسي.

وقدم زوكربيرغ الذي ارتدى بزة قاتمة اللون وربطة عنق زرقاء اعتذاراته الشخصية لأنه لم يدرك بسرعة إلى أي حد يمكن التلاعب بشبكة "فيسبوك". وقال "لم نلق نظرة واسعة كافية تجاه مسؤوليتنا، وكان هذا خطأ جسيماً... لقد كان خطئي، أنا آسف. بدأت فيسبوك وأديره، وأنا مسؤول عما يحدث هنا". وأضاف "نحتاج إلى وقت لإنجاز كل التغييرات الضرورية" للحد من سوء استخدام الشبكة، معددًا الإجراءات المتخذة والتي ستتخذ لتصحيح المسار.

وأكّد مؤسس فيسبوك أنّ شركته تطور أدوات جديدة لتحديد الحسابات المزيفة في فيسبوك. وتعهد بالتحقق من هوية المجموعات أو الجهات السياسية التي تجري حملة إعلانية على فيسبوك. وتعهد بأن يكون هناك دائماً نسخة مجانية من فيسبوك، مبقياً على احتمال طرح نسخة خالية من الإعلانات بمقابل مادي.



سباق تسلّح

ردّ الملياردير الأميركي الشاب (33 عاماً) بشكل مفصل على غالبية الأسئلة لكن ظهرت عليه في مرات عدة مؤشرات إلى عدم فهم ونفاد صبر حيال البرلمانيين الذين أبدى بعضهم عدم إلمام بالرهانات التكنولوجية في النقاش الدائر. وأكد أنّ شبكته "آمنة" رغم كل القضايا المثبتة بالتلاعب وتحويل بيانات المستخدمين الشخصية كما حصل مع فضيحة "كامبريدج أناليتكا".
 
وأشار إلى مدى صعوبة مكافحة التلاعب السياسي متحدثاً عن "سباق إلى التسلح" لمواجهة "أشخاص في روسيا مهمتهم استغلال أنظمتنا". وأبلغ زوكربيرغ، مجلس الشيوخ، بأنّ "شركته تخوض حرباً مستمرة ضد مشغلين روس يسعون لاستغلال شبكة التواصل الاجتماعي"، مضيفاً "إنه سباق للتسلح. سيستمرون في التحسن".

وقال "هناك أناس في روسيا مهمتهم محاولة استغلال شبكتنا وأنظمة الإنترنت الأخرى. نحتاج للاستثمار في تحسين هذه الأدوات".

وذكر من جهة أخرى أنّ مجموعته "تعمل" مع المدعي العام الخاص روبرت مولر الذي يعتبر أنّ الإنترنت ولا سيما "فيسبوك" شكّلتا منصة لعملية دعائية واسعة النطاق مصدرها روسيا خلال الحملة الرئاسية الأميركية في العام 2016 التي فاز فيها دونالد ترامب.

وكشف زوكربيرغ أن مولر، أجرى مقابلات مع عاملين في الشركة، لكنّه ليس من بينهم، من دون أن يكشف تفاصيل. كما أعرب عن مخاوفه من احتمال وجود انحياز سياسي في شركته.
وقال زوكربيرغ "إنني نادم كثيرًا على بطئنا في رصد" التدخل الأجنبي عبر الشبكة خلال الحملة الانتخابية.


"لا أعرف"

لم يُجب مؤسس فيسبوك بشكلٍ مباشر عن العديد من الأسئلة حول طريقة إيقاف التدخل الأجنبي في الانتخابات الأميركية أو مدى استخدام الروس للشبكة للتأثير على الانتخابات عام 2016.
ولمّح كذلك كما سبق له أن فعل، إلى أنه لا يعارض "تنظيماً" لعمل مجموعات الإنترنت، وفق احتمال تطرق إليه برلمانيون عدة خلال الجلسة، "في حال كان جيداً". وأكد كذلك أنّ شبكة التواصل الاجتماعي التي لديها أكثر من ملياري مستخدم ليست "احتكاراً" من دون أن يتمكن من ذكر أي منافس لفيسبوك.

إلا أنّ الكثير من البرلمانيين أعربوا عن "تشكيكهم" أمام أجوبة زوكربيرغ الذي رد في مرات عدة بالقول "لا أعرف" أمام أعضاء مجلس الشيوخ والصحافيين الكثيرين الحاضرين. وقالت السيناتورة كامالا هاريس "خلال جلسة الاستماع هذه (..) طرحت عليك أسئلة تتعلق بقضايا أساسية لكنك لم تقدم أي جواب عليها".

وواجه زوكربيرغ صعوبة خصوصًا في تبرير عدم إقدام "فيسبوك" اعتبارًا من عام 2015 على تعليق عمل "كامبريدج أناليتكا" وعدم إبلاغها الهيئة الناظمة للتجارة ولا المستخدمين بأن بياناتهم تحول لغرض آخر.

وقال "كان ينبغي أن نعلق عملها" في العام 2015 "لقد ارتكبنا خطأ" مضيفاً لأنّه كان على قناعة في تلك الفترة ان القضية طويت عندما أكدت الشركة أنها حذفت البيانات. وأقر "كان ينبغي ألا نكتفي بجوابهم".

واعترف بأن الشركة قد ارتكبت أخطاء خلال مشوارها، لكنه دافع عنها معتبراً أنه "من شبه المستحيل بدء شركة بغرفتك الجامعية وأن تنمّي المشروع للدرجة التي بلغناها الآن دون ارتكاب بعض الأخطاء".

واضطر مرات عدة إلى توضيح كيفية تعامل مجموعته مع البيانات التي يتشاركها المستخدمون عبر الشبكة. وأكد "نحن لا نبيع بيانات إلى شركات الإعلانات"، مشيرًا إلى أنه يسمح لها باستهداف المستخدمين بدقة بفضل بيانات تملكها "فيسبوك".

وقال زوكربيرغ إنّ ذلك يسمح للرسائل الموجهة أن تكون "فعالة أكثر" وهذا هو جوهر منظومة "فيسبوك" الاقتصادية.

وطرح أعضاء مجلس الشيوخ أسئلة كثيرة عليه حول عدم الوضوح في شروط الاستخدام.


ومع أول استراحة أثناء جلسة الاستماع ارتفعت أسهم فيسبوك في أسواق المال الأميركية 5 في المئة، وهو ما يؤشر على الارتياح لأداء واعترافات زوكربيرغ.

واعتذر زوكربيرغ مرارًا بالفعل لمستخدمي فيسبوك والعامة، ولكن هذه هي المرة الأولى في تاريخه المهني التي يمثل فيها أمام الكونغرس. كما من المقرر أن يدلي زوكربيرغ بشهادته أيضا أمام لجنة الطاقة والتجارة التابعة لمجلس النواب اليوم الأربعاء. في الجلستين، لن يحاول زوكربيرغ استعادة ثقة العامة في شركته فحسب، بل أيضاً تجنب اللوائح الاتحادية التي طرحها بعض المشرعين.

وفي تطور منفصل، بدأت الشركة كذلك إخطار مستخدمين بأن "كامبريدج أناليتكا" جمعت بياناتهم. ظهر الإخطار على فيسبوك لبعض المستخدمين، أمس الثلاثاء. وورد فيه أن "أحد أصدقائك" استخدم فيسبوك للولوج إلى تطبيق شخصي محظور حالياً يدعى "هذه هي حياتك الرقمية".

كما جاء في الإخطار أن التطبيق أساء استخدام المعلومات، بما فيها البروفايل العام والإعجاب بالصفحات وتواريخ الميلاد والمدن الحالية عبر تقاسمها مع "كامبريدج أناليتكا".


وقالت شركة "فيسبوك"، أمس الثلاثاء، إنها ستطلق برنامج مكافآت لرصد "إساءة استخدام البيانات" بهدف مكافأة من يبلغون عن أي إساءة لاستخدام البيانات من قبل مطوري التطبيقات.

وسيمنح البرنامج مكافآت للأفراد الذين يقدمون أدلة تثبت وجود تطبيق على منصة فيسبوك يجمع وينقل بيانات المستخدمين إلى طرف ثالث بغرض البيع أو السرقة أو استخدامها في برامج خداعية أو للتأثير السياسي.



(العربي الجديد، أسوشييتد برس، فرانس برس، رويترز)

المساهمون