رسائل عثمانية

05 ديسمبر 2014
افتتاح سكة الحديد في القدس، 1900
+ الخط -

فجأة نكتشف تركيا. تدخل مسلسلاتها بيوتنا بدبلجة سورية. أدبها منزوٍ ومختصر بأسماء قليلة. لماذا الأدب التركي أصلاً؟ "تصالحنا" مع أغلب الثقافات الاستعمارية، وعلى رأسها الإنجليزية والفرنسية، ولم نتصالح مع تركيا. الجرح عميق إذاً. الطلاق لا رجعة عنه.

كنا تحت استعمار عثماني لأربعة قرون، يقول صوت؛ ويرد آخر من داخل الذات: كنا جزءاً من الخلافة العثمانية ومواطنين في الإمبراطورية الجائرة.

تصل الصرر السنية والجعالات إلى وجهاء محليين، أحدهم يهرب بالتمويل إلى نابلس. تصل كسوة الكعبة. يهرب فتى من ميناء يافا، ويقضي شهوراً في البحر ليصل نيويورك، ويموت آلاف وآلاف من مجايليه الشوام في السفربرلك.

جمال باشا السفاح. أجساد في بيروت ودمشق. لكن أحمد باشا الجزّار قاوم غزو نابليون. كنا جزءاً من الإمبراطورية. كنا مستعبديها ومستعمريها. أسلمتنا لاستعمار غربي، أخذنا لقمة سائغة من صحن الرجل المريض.

أحمد شوقي يفطر مع السلطان في قصره بإسطنبول؛ "يا خالد الترك جدِّد خالد العرب". بقّال في القدس يعلّق صورة لأردوغان وتحتها عبارة خرقاء: "ملك ملوك العرب". إنه الزهايمر الحضاري.

بهجر الحرف العربي والارتماء على الحرف اللاتيني ذهب التراث العثماني إلى المتحف. نقلّب مخطوطات عثمانية مهملة في غير مكان من القدس. من يريد هذا التاريخ. من يريد إخراجه من المتحف. ثمة حياة في هذا التاريخ. أسلاف يئنون ورسائل. لا أحد يريد أن يقرأها. الرسائل لا تيأس.

المساهمون