حكومة المغرب تتمسّك بإصلاح التقاعد

23 ديسمبر 2015
رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران (الأناضول)
+ الخط -
تزامن حلول رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، بمجلس النواب، أول أمس الثلاثاء، مع عقد الاتحادات العمالية لاجتماع لبحث الخطوات التصعيدية ضد الحكومة، غير أن بنكيران كشف لأول مرة عن تفاصيل إًصلاح التقاعد غير مبال بتحفظات الاتحادات العمالية، التي أعلنت بدورها عن سلسلة خطوات للتصدي لنوايا الحكومة.
وقال بنكيران، عند مثوله أمام مجلس النواب، إن "الإصلاح الشامل والعميق لأنظمة التقاعد لا يحتمل مزيدا من التأخر"، مشدّدا على أنه "على الرغم ممّا ستتحمّله مختلف الأطراف المعنية بالإصلاح، ينبغي، بكل مسؤولية، استحضار الكلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الباهظة لغياب أو تأجيل الإصلاح لأجل غير مسمى، مما يتعيّن معه تفهّم وتعبئة وانخراط الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين والمدنيين لإنجاح هذا الورش الإصلاحي الهام والحيوي".
وأكد أن العجز الناتج عن الفارق بين المساهمات والمعاشات، بلغ 100 مليون دولار سنة 2014، ونحو 300 مليون دولار سنة 2015، وسيبلغ ما يناهز 600 مليون دولار خلال سنة 2016، محذراً من أن احتياطيات الصندوق المغربي للتقاعد يرتقب، على هذا الأساس، أن تنفذ نهائيا في أفق سنة 2022، وذلك رغم أهميتها حيث تصل إلى 8‪.‬4 مليارات دولار في نهاية سنة 2014.
تحدث رئيس الحكومة أمام مجلس النواب عن خطة إصلاح التقاعد التي أكد أنها ستكلّف 4.1 مليارات دولار على مدى خمسة أعوام، مؤكدا على أن هناك إجراءات مستعجلة يتوجب اتخاذها من أجل محاصرة العجز المتفاقم لنظام المعاشات الذي يهم الموظفين الحكوميين.
ويتصور رئيس الحكومة أن الإصلاح يجب أن يبدأ برفع سن التقاعد من 60 عاما إلى 61 عاما في يناير/ كانون الثاني 2017، كي يجري الانتقال إلى 62 عاما في 2018، و63 عاما في 2019.

ويؤكد بنكيران على أن الإصلاح يتضمن إعادة النظر، كذلك، في نظام التقاعد النسبي الذي يحصل عليه صاحبه قبل السن القانوني. هكذا يتوجب على النساء العمل 18عاما عوض 15عاما كي يحلن على التقاعد النسبي، ويفترض في الرجال العمل 24 عاما عوض 21 عاما حاليا.
ويذهب رئيس الحكومة إلى أن الإصلاح الجديد سيفضي إلى رفع مساهمة الدولة والموظفين بأربع نقاط على مدى أربعة أعوام، اعتباراً من تاريخ الإصلاح، علما أن الاتحادات العمالية تؤكد أن العجز الذي يعاني منه الصندوق المغربي للتقاعد له علاقة بعدم وفاء الدولة بالتزاماتها، حيث لم تكن تؤدي حصتها باعتبارها مشغلا.
وأكد بنكيران أن معاش التقاعد سيحتسب على أساس متوسط الأجر الذي يتلقاه الموظف خلال الثمانية أعوام الأخيرة، قبل إحالته على التقاعد، علما أنه في النظام الحالي يؤخذ بعين الاعتبار آخر أجر للموظف، ما يجعل معاشه مرتفعا، مقارنة بما تخطط له الحكومة.
بنكيران يتصور أن الإصلاح الذي يقترحه تدريجي وعادل، على اعتبار أنه يتضمن رفع الحد الأدنى للمعاش من 100 دولار إلى 150 دولاراً في الشهر، وهو ما سيكلف سنويا حوالي 60 مليون دولار.
وبينما كان رئيس الحكومة يقدم رؤيته لإصلاح التقاعد، كانت الاتحادات العمالية تبحث في طرق الرد على ما تعتبره انفراد الحكومة بذلك الملف وعدم استجابتها لمطلب الزيادة في الأجور وتحسين الدخل، وهو ما كان يتصدّر الخلاف بين الطرفين خلال جولات الحوار الاجتماعي الذي توقف في يونيو/ حزيران الماضي.
وعلمت "العربي الجديد" أن الاتحادات العمالية قررت الاعتصام أمام البرلمان يوم 12 يناير/ كانون الثاني المقبل، ووضع شكاية ضد الحكومة لدى المكتب الدولي للعمل، وتجميد عضوية الاتحادات في جميع المؤسسات، باستثناء الغرفة الثانية من البرلمان، وعقد لقاءات مع رؤساء الأحزاب كي تعبّر عن موقف واضح من الأزمة بين الحكومة والاتحادات.
ويعتبر بعض المراقبين أن الاتحادات العمالية فقدت الكثير من تأثيرها، في مواجهة رئيس حكومة الذي يعوّل على قدراته التواصلية من أجل مخاطبة الناس مباشرة وإقناعهم بتصوراته، وقد أشارت المندوبية السامية للتخطيط إلى أن الاتحادات العمالية تمثل 3% من العمال، بينما تؤكد مصادر من الاتحادات أن تمثيليتها تصل إلى حوالي 7%.
غير أن الاتحادات العمالية عبّرت عن غضبها من النسبة الضعيفة التي وفرتها المندوبية، حيث تعتبر أنها في مواجهتها للحكومة، تراعي الجوانب ذات الصلة بأمن البلد. وقد أكد ميلود موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، في تصريح صحافي، على أن الحكومة تخطئ عندما تعتقد أنها تنهك الاتحادات العمالية، مؤكدا على أنه في الإضراب الأخير في الوظيفة العمومية، لم تشأ الاتحادات شلّ القطاعات الحيوية.

اقرأ أيضا: مغاربة يطالبون بإلغاء تقاعد الوزراء والبرلمانيين
المساهمون