بشرى ناضلت بليفتها من أجل عائلتها

بشرى ناضلت بليفتها من أجل عائلتها

25 يوليو 2015
تصنعها وتبيعها في الشارع (العربي الجديد)
+ الخط -

تجلس بشرى على الرصيف لكنّها تصنع عالمها الخاص. تفرش أمامها بضاعتها البسيطة المؤلفة من بعض أكياس الليف المغربي المستخدمة في الاستحمام، والتي دأبت على صنعها بيديها منذ عشرات السنين.
تضطر بشرى لصناعة الليفة في الشارع حيث تعرض بضاعتها. وتوضح سبب إقدامها على ذلك بالقول: "لا يمكنني صنع الليف في البيت، فأنا أغادر في المساء حيث ينتظرني عمل آخر في الترتيب وغسل الملابس والطبخ.. كما أنّ ضوء النهار يساعدني في ذلك خصوصاً أنّ لون كيس الليف أسود".

يتطلب صنع ليفة واحدة من بشرى يوماً ونصف اليوم من العمل. فيما تعرضها للبيع مقابل دراهم معدودة (الدولار الأميركي نحو 9 دراهم).
بدأت في تعلم حرفتها منذ أكثر من ثلاثين سنة. واكتسبت مهارة تصنيع الليفة المغربية من جارتها. وتقول: "أتقنت صنع كيس الحمام من أجلي في البداية، كي أوفر على نفسي ما أحتاجه كشابة. لكنني بعد مدة وجدت نفسي أقوم بذلك من أجل عائلتي". وتضيف: "أخواتي كن يدرسن في الجامعة حينها فكنت مضطرة للتكفل بمصاريفهن. كنا ست فتيات وولدين، وكنت الكبيرة بينهم جميعاً".

اضطرت بشرى للعمل بوتيرة أكبر لتوفير تلك المصاريف فقد كان والدها عسكرياً لا يتمكن براتبه البسيط من توفير طلبات شقيقاتها المختلفة. تقول: "لم أدرس وكنت أساعدهن ليدرسن، كنت أستقبل صديقاتهن وأجهز لهن ما يحتجنه من متطلبات الضيافة بدلاً من أمي العاجزة عن ذلك".
لهذا السبب لم تتزوج بشرى وهي شابة يافعة. وتذكر وهي صغيرة أنّ والدها كان يقول لها: "أنت خلقت أنثى، وكان الأجدر أن تولدي ذكراً". وتفسر: "كان يرى في تحملي لأعباء ومسؤولية البيت أنني لا أصلح أن أكون أنثى.. ففي اعتقاده أنّ الرجل وحده من يستطيع القيام بذلك".

تشير بشرى خلال حديثها إلى أنّ كلام والدها ترك في نفسها أثراً كبيراً. تقول: "لم أعد أفكر في نفسي كأنثى، وبتّ فعلاً كما كان يراني أبي رحمه الله. وأقبلت فقط على رعاية شؤون شقيقاتي والاعتناء بهن متناسية بشكل مطلق ما أحتاجه كأنثى.. بتّ رجلاً أتحمل أعباء البيت، وأرعاهن حتى بعد زواجهن، وأراقبهن عن قرب هل هن سعيدات في بيوتهن أم يحتجن أمراً ما".

لكنّ بشرى لا تخفي حسرتها لـ "العربي الجديد"، وتقول: "الآن فقط أشعر بالوحدة وأود لو أنّ الزمن عاد إلى الوراء قليلاً كي أحظى بنصيبي من الحياة، فأتزوج وأنجب بدوري أطفالاً يرعون شيبتي بعد أن تخور قواي وتنهك قدرتي على العمل. فلا أظنّ أنّ شقيقاتي سيتحملنني".

اقرأ أيضاً: برلمانيات في المغرب يطالبن بضمان حرية اللباس

دلالات

المساهمون