برنامج جديد للخصخصة في الكويت لتوفير أموال للموازنة

21 مايو 2017
طرح حصص الشركات بالبورصة ضمن الخصخصة (فرانس برس)
+ الخط -
كشف تقرير حكومي عن إجراءات جديدة وضعتها الحكومة الكويتية، لتعجيل تنفيذ برنامج الخصخصة للحصول على موارد مالية من شأنها خفض عجز الموازنة في السنة المالية الحالية 2017 /2018 بنسبة 20%. 
وتتوقع الحكومة أن يصل العجز خلال العام المالي الحالي إلى 7.9 مليارات دينار (26 مليار دولار)، لتشارك عمليات الخصخصة بخفضه بما يعادل 1.58 مليار دينار (5.2 مليار دولار) وفق التقرير، الذي أعدته إحدى إدارات وزارة المالية، وحصلت "العربي الجديد" على نسخه منه.
وأشار التقرير إلى أن خصخصة خطوط الهاتف الثابت، والخدمات البريدية، ومحطات توليد الطاقة تأتي في مقدمة أولويات البرنامج الحكومي للخصخصة خلال العام المالي الحالي، تليها في المرحلة الثانية خصخصة المراكز الصحية والاتصالات الدولية والمراكز العلمية، ومراكز الشباب والأندية الرياضية.
وتجري الحكومة مشاورات حالية مع مجلس الأمة (البرلمان) لوضع برنامج الخصخصة ضمن أولويات الجلسات المقبلة لأخذ الموافقات اللازمة عليه قبل انتهاء دور الانعقاد الحالي نهاية يونيو/حزيران المقبل.
وكلف المجلس الأعلى للتخصيص التابع لمجلس الوزراء، مطلع العام الجاري 2017، أحد المكاتب الاستشارية الأجنبية بإعداد دراسة حول أثر خصخصة المرافق الحكومية والآلية المناسبة لتنفيذ هذه الخطوة.
وبحسب تقرير وزارة المالية حول الخصخصة، فإنه " لا يمكن لأي دوله مهما كانت أن تغلق على نفسها وتنشئ لها اقتصادا مغلقا، لثبات فشل هذا النظام وعدم جديته".
وذكر أن "الدولة القوية هي القادرة على حماية التعاقدات وضمان الالتزامات، والتي تستطيع أن تخلق الإصلاح المتكامل لتهيئة الظروف المناسبة مع الأخذ في الحسبان مبدأ الحيطة والحذر منعا لحدوث الاحتكارات وهروب المدخرات".

رفض خصخصة الخدمات
وتتباين ردود فعل الجهات المتخصصة وخبراء الاقتصاد إزاء الاتجاه الحكومي للخصخصة، حيث حذرت شركة الشال للاستشارات المالية في تقرير مؤخرا من خصخصة القطاعات الخدمية، على اعتبار أنها من القطاعات المربحة، ما سيحرم الحكومة من إيرادات تحتاجها في الوقت الحاضر، لدعم الميزانية التي دخلت في عجز مالي بسبب انخفاض أسعار النفط.
وقالت شركة الاستشارات إن خصخصة الخدمات ستزيد عجز الميزانية، وتؤدي إلى البطالة بين المواطنين، لكنها تقر في المقابل بأن هذه الخطوة سترفع معدل الإنتاجية في هذه القطاعات بنسبة 50%.
وفي المقابل، قال حجاج بوخضور، الخبير الاقتصادي الكويتي، لـ"العربي الجديد"، إن "الخصخصة أصبحت مطلوبة لتحقيق ثلاثة مبادئ أساسية وهي، تقليل تكلفة الإنتاج والخدمات، ورفع مستوى الكفاءة، وزيادة فرص العمل". وأضاف أن الخدمات تدنت في مستواها الحالي، والتكاليف ارتفعت، بالإضافة إلى قلة فرص العمل، ما يستدعي الإقدام على خصخصة العديد من القطاعات لإعادة النشاط إليها.
لكن علي البدر، الخبير الاقتصادي، رأى أن الحكومة فشلت في تطبيق معايير الخصخصة الداعمة للاقتصاد بشكل كبير، مشيرا إلى ضرورة مراجعة القوانين الحالية المتعلقة بالخصخصة، بما يتماشى مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية الحالية في الكويت والمنطقة، خصوصا عقب التأثيرات التي خلفتها أزمة انخفاض أسعار النفط.
وأضاف البدر لـ"العربي الجديد" أن الخصخصة الذكية هي التي تستهدف كل المواطنين وتدخلهم كشركاء في الاقتصاد ويضمن لهم حماية تأمينية ويحقق في الوقت نفسه مصالحهم، مما يؤدي إلى تقبل الناس هذه الخطوة ويساعد في الوقت نفسه على وجود غطاء وتأييد شعبي.
واعتبر طارق الوزان، الخبير النفطي، أن خصخصة بعض الشركات الخدمية بالقطاع النفطي تعد الأكثر حظاً، رغم معارضة وتخوف بعضهم في الكويت، مشيرا إلى أن الاتجاه لخصخصة شركات النفط في الخليج يحظى باهتمام عالمي.
وفي يوليو/تموز الماضي، أكد وكيل وزارة المالية الكويتية، خليفة حمادة، أن وزارة المالية تدرس مع مؤسسة البترول الكويتية القطاعات والخدمات النفطية التي يمكن خصخصتها، وطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام ضمن مشروع برنامج الخصخصة، على غرار الطرح المزمع لشركة "أرامكو" السعودية، الذي تم الإعلان عنه في شهر إبريل/ نيسان الماضي، ضمن رؤية السعودية 2030.

طرح 4 شركات نفطية
وأعلنت الكويت عن عزمها طرح 4 شركات نفطية تابعة لمؤسسة البترول الكويتية للاكتتاب العام، بحسب وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، الذي أكد في تصريحات صحافية أخيرا أن الشركات هي: البترول الكويتية العالمية، وناقلات النفط، والكويت للاستكشافات الخارجية، والصناعات البتروكيماوية، وذلك بغرض توفير مزيد من السيولة، وتحسين وتطوير عمليات الشركات النفطية.
ووفق وكيل وزارة المالية خليفة حمادة، تعتزم الحكومة طرح ما بين 20% إلى 30% من أسهم الشركات النفطية الأربعة للاكتتاب، في خطوة من شأنها استقطاب مليارات الدولارات، مشيرا إلى أن هذه الخطة ستمكن المواطن والمستثمر الأجنبي من الحصول على حصة ضمن الأسهم المطروحة.
وكان خطاب رسمي لوزير المالية، موجه إلى رئاسة الوزراء في يوليو/تموز 2016، أشار إلى البنك الدولي أوصى الحكومة بضرورة تقليص مساهماتها في الشركات المحلية بشكل تدريجي خلال عامي 2017 و2018.
وذكر الخطاب الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه آنذاك، أن البنك الدولي أوصى بضرورة إفساح المجال أمام القطاع الخاص.
ويجري الصندوق السيادي الكويتي حالياً مراجعة شاملة لمساهمته في العديد من الشركات المحلية، حيث تم بالفعل بيع حصصه في العديد من الشركات الكبرى في قطاعات مثل الاتصالات والمالية والخدمات.
وتسعى الحكومة لتوفير سيولة مالية في ظل العجز الناجم عن تراجع عائدات النفط منذ منتصف 2014 والذي خسرت الأسعار منذ ذلك التاريخ أكثر من النصف، ليصل حالياً إلى 52 دولار للبرميل مقابل 115 دولار قبل نحو ثلاثة أعوام.
وخلال الفترة الماضية، اتخذت الحكومة الكويتية سلسلة من الإجراءات لخفض العجز في موازنتها، ففي الأول من أغسطس/آب الماضي، قرر مجلس الوزراء رفع أسعار الوقود نحو 80%، للمرة الأولى منذ قرابة عقدين، إلى جانب قرار تحرير أسعار الديزل والفيول، ورفع أسعار المياه والكهرباء للمقيمين.
ويهدف رفع الأسعار إلى إعادة هيكلة تسعير منتجات البنزين، تماشياً مع متوسط الأسعار في دول مجلس التعاون، ضمن خطة الحكومة الإصلاحية للتأقلم مع انخفاض الإيرادات.
المساهمون