الكلاشينكوف... سلعة ليبيّة تتوافر في كل بيت

الكلاشينكوف... سلعة ليبيّة تتوافر في كل بيت

02 يونيو 2015
انتشار السلاح ظاهرة ليبيّة تتمدّد إلى خارجها (Getty)
+ الخط -
بعد اندلاع ثورة السابع عشر من فبراير/ شباط 2011، انتشر السلاح الخفيف والثقيل بين مكونات الشعب الليبي كافة. مردّ هذا الانتشار الواسع، حسب المسؤولين، إلى غياب المنظومة الأمنية في البلاد، إذ تسبب الأزمات المتواصلة بانتشار السلاح بشكل لافت وعلني، بعدما أصبحت ليبيا سوقاً مزدهرة لبيع الأسلحة للداخل والخارج. وساهم انعدام الأمن في لجوء الأسر إلى التزود بالأسلحة، لتصبح "قطعة" السلاح، وخصوصاً الكلاشينكوف، من السلع المطلوبة جداً في السوق، خصوصاً في ظل عدم وجود أي روادع قانونية لاقتناء السلاح.

انتشار واسع للسلاح
يقول الدبلوماسي الليبي السابق في الأمم المتحدة، فتح الله السنوسي: "إن حجم سوق السلاح كبير جداً، وليبيا اليوم تعد سوقاً مفتوحة للجميع بيعاً وشراء، أكان للجماعات والمليشيات المحلية وصولاً إلى الدول، وقد أظهر حجم انتقال الأسلحة التي وصلت إلى مالي وحتى مرسيليا الفرنسية، مدى انتشار هذه الظاهرة".


يضيف السنوسي، لـ"العربي الجديد"، أن انهيار الدولة وسيطرة المليشيات على مخازن السلاح ودخولها إسميّاً تحت سلطات الدولة، أهّلها للقيام بالبيع والشراء، أحياناً كأفراد، وأحياناً كمجموعات. وتشير التقارير، وفق السنوسي، إلى أن هذه التجارة نمت بفضل وجود ما يسمى بالسماسرة المحليين والدوليين، إذ تكشف بعض المعلومات وجود سماسرة محليين يمدون الأطراف المتنازعة بالسلاح من دون تفرقة، بحيث لا يهمهم شيء غير الكسب.

ويتابع السنوسي أنه "يضاف إلى ذلك ضعف الرقابة المأمولة من المجتمع الدولي، إذ لا يوجد تفعيل كبير لحظر توريد السلاح، وﻻ تمارس الدول رقابة فعالة على عمليات الاتجار والنقل بحراً وجواً وبراً، وهذا يضعنا في حيرة من أمرنا. فبينما تتكرّر البيانات والقرارات الأممية المعبّرة عن قلق المجتمع الدولي من ظاهرة انتشار السلاح، إلا أن هذا الأخير، لم يقم حتى الآن بجهد ملموس وحازم في منع تدفق السلاح من ليبيا وإليها".
ويضيف: "حتى القرارات المتخذة من قبل مجلس الأمن بقيت حبراً على ورق، وهذا التراخي من قبل المجتمع الدولي أعطى حافزاً للمليشيات ومموليها في الاستمرار بعملها في تجارة ونقل واستخدام السلاح".

اقرأ أيضا: السوق السوداء تقبض على الاقتصاد الليبي

تركة النظام السابق
في سياق متصل، يرى المتحدث السابق باسم وزارة الداخلية، رامي كعال، أن تجارة السلاح في ليبيا تعد من أبرز المشكلات وأكثرها تعقيداً، ويقول لـ"العربي الجديد": "هناك نقاط عدة تتصل بانتشار السلاح في ليبيا، إذ إن السلاح ليس أزمة ليبية فقط، والتركة الكبيرة التي خلّفها النظام السابق بعد ثورة 17 فبراير/ شباط، وما جرى بعدها من انتشار السلاح في أيدي العامة يعد الأخطر، خاصة عندما وصل السلاح لأيدي المتطرفين".

ويتابع: "لذا أصدرت وزارة الداخلية قراراً يفوّض مدراء الأمن بإعطاء تصريحات لحمل السلاح للمواطنين الليبيين فقط، وحددها بالأسلحة الخفيفة والبنادق الخفيفة كالكلاشينكوف وبنادق الصيد. كما حدّد كمية الذخيرة مع كل نوع سلاح". إلا أن هذه الخطوة لم تعط ثمارها، وفق كعال، بسبب الانهيار الأمني، إذ إن "الليبيين يعيشون أوضاعاً أمنية صعبة، الأمر الذي يدفعهم إلى اقتناء الأسلحة، وهو ما أدى إلى رفع أسعارها".


ويضيف: "بدأت تنتشر خريطة توزع السلاح في ليبيا، بعد سيطرة المتطرفين على المخازن، حيث استولوا على كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة. وقدّرت الكميات المسروقة من الأسلحة في ليبيا بما بين 22 إلى حوالي 30 مليون قطعة". ويوضح: "هذه الأسلحة تم بيعها من جديد، ما أدى إلى تحقيق ثروات كبيرة للتجار".

من جهتها، تقول العضوة المستقلة في المؤتمر الوطني السابق، نادية راشد، إن "انتشار السلاح يتم من خلال السوق السوداء، لا بل تطور نشاط التجار من السوق المحلية إلى الدول المجاورة عبر استغلال المنافذ الحدودية للدولة".

اقرأ أيضا: يوميات القهر في ليبيا تعززها فوضى السياسات

وتلفت إلى وجود مصطلح يتم استخدامه في البلاد ويطبع عمل تجار السلاح وهو "تجار الحروب"، مشيرة إلى أن معالجة هذه الكارثة صعبة بسبب الكميات الضخمة من السلاح المتوافرة بين الناس، وأن هذا الإجراء يحتاج إلى دولة قوية تقلّص هذه التجارة وصولاً للقضاء عليها.

دلالات

المساهمون