الفواتير تثير غضب مزارعي الجزائر

23 يوليو 2018
المزارعون ومربو الماشية الذين لم يتعودوا دفع الضرائب(Getty)
+ الخط -
يرفض مزارعو الجزائر ومربو الماشية استعمال "الفواتير" في معاملاتهم، حسب القرار الذي أصدرته الحكومة بضرورة الالتزام باستخراجها في جميع المعاملات المتعلقة بتلك القطاعات. واستهدفت الحكومة الجزائرية من فرض الفواتير التحكم في الأسعار وكبح المضاربة من جهة، وتوسيع الوعاء الضريبي وتقوية التحصيل الجبائي من جهة أخرى.
وليست هذه المرة الأولى التي تقر فيها الحكومة الجزائرية قرارات مماثلة ففي كل سنة تحاول الحكومة فرض التعامل بالفواتير على المزارعين ومربي الماشية، وبداية سنة 2011 ألزمت الحكومة جميع الحرفيين والتجار، بمن فيهم المزارعون بالتعامل بالفواتير، وأدى هذا القرار إلى نشوب ما يُعرف في الجزائر بـ "احتجاجات الزيت والسكر"، بعدما قرر تجار الجملة رفع الأسعار، لتعيد الحكومة نفس المحاولة تحت غطاءٍ آخر وهو "سندات المعاملات التجارية" صيف السنة الماضية، وهو الإجراء الذي بقي حبرا على ورق.

وقد حددت وزارة التجارة الجزائرية تاريخ بداية تطبيق هذا الإجراء، في بداية أغسطس/ آب، وأرجعت الوزارة هذه الخطوة إلى "القضاء على المضاربة والدخلاء على القطاع، وأيضا لمعرفة هوامش الربح في تسويق مختلف المنتجات والتمكين من التحكم في أسعار المنتجات الزراعية".
وأمام التجارب السابقة يتساءل رئيس الاتحاد الوطني للمزارعين الجزائريين محمد عليوي حول الآليات التي سيُطبق بها الإجراء، حيث قال نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "القرار يبقى غامضا، فهل سيطبق على المزارع أم يُحدد على الوسيط لأنه هو من يتحكم في الأسعار ويضارب في الأسواق".

وأضاف عليوي أن "المزارعين لم يبلغوا حتى اليوم حول نوع الفواتير التي ستستخدم، ولا قيمة الرسم على القيمة المضافة فهل سيكون 9 % أم 19 % ". ولفت الاتحاد الوطني للمزارعين الجزائريين إلى أن "وزارة التجارة لم تستشر وزارة الزراعة قبل إقرار هذا الإجراء، وهو ما لا يخدم القطاع".
من جانبه اعتبر مزارع من محافظة "البويرة" جمال غوماري أن "إلزام المزارعين بالتعامل بالفواتير يعد ضربا من الخيال، لأن أغلبية المزارعين لا يجيدون القراءة والكتابة والأولى كان إلزام الوسطاء في أسواق الجملة بالتعامل بالفواتير".

وأضاف نفس المتحدث في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "المزارعين تعودوا على التعامل بالنقود مباشرة ودون تحرير أي ورقة، ولا يمكن أن تغير نظاما استمر لعقود من السنوات بين ليلة وأخرى".
وتخضع الأسواق في الجزائر إلى إرادة "الوسطاء" الذين يحتكرون أسواق الجملة فوق التراب الجزائري قبيل المناسبات الدينية، كما هو عليه الحال هذه المرة في موسم عيد الأضحى.
وفي هذا الإطار، يقول الخبير الزراعي مروان دحماني، لـ"العربي الجديد" إن "60 % من التعاملات التجارية في قطاع الزراعة يستحوذ عليها المضاربون". وبالتالي يرى الخبير الجزائري أن "هذا القرار وإن كان باطنه توسيع الوعاء الضريبي، إلا أن ظاهره يهدف إلى السيطرة على أسعار للسلع، ما يقوض ظاهرة المضاربة التي أصبحت تتحكم في السوق".

وأضاف نفس المتحدث أن هذا القرار "سيصطدم بعدة عقبات منها المتعلقة بذهنيات المزارعين ومربي الماشية الذين لم يتعودوا دفع الضرائب، كما أن الجزائري عموما لا يثق بالإدارة ولا يمكنه التعامل معها فجأة هكذا".
وفي نفس السياق رحبت جمعية حماية وإرشاد المستهلك بهذه الخطوة، وطالبت الجمعية على لسان رئيسها مصطفى زبدي "بإشراك مصالح الأمن على غرار الدرك الوطني والشرطة لفرض المراقبة على المنتجات الزراعية والماشية التي تنقل عبر الطرقات، خاصة في الأسابيع القادمة قبل عيد الأضحى، حتى يكون القرار ناجعا".

كما طالب زبدي في حديث مع "العربي الجديد" بتوسيع هذا الإجراء ليشمل قطاعات أخرى، حتى تستقر الأسعار ويتم ضبط الأسواق.
وأظهرت بيانات رسمية حديثة، أن معدل التضخم السنوي في الجزائر ارتفع إلى 4.4% في شهر مايو/ أيار الماضي من 4.3% في شهر إبريل/ نيسان الماضي، بفعل زيادة حادة في أسعار بعض السلع الغذائية.

وقال الديوان الوطني للإحصائيات "مؤسسة حكومية" إن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بسبب غلاء سلع غذائية، حيث زادت أسعار الخضروات والفواكه 15.1% و9.6% على أساس سنوي بالترتيب، بينما انخفضت أسعار الأسماك 8.3%.
وأظهرت بيانات رسمية أخرى للجمارك أن إنفاق الجزائر على واردات الحبوب والسميد والطحين (الدقيق) في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، زاد 13.5% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.


المساهمون