العراق: انطلاق المشاورات لاختيار خلف علاوي ودعم لسيناريو "اللاحكومة"

03 مارس 2020
أخفق علاوي بتشكيل الحكومة (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -
في جولة مباحثات لا يُتوقع لها أن تكون سهلة، بدأ الرئيس العراقي برهم صالح مشاوراته مع قادة الكتل والقوى السياسية في بغداد، بهدف التوصل إلى توافق بشأن اختيار بديل جديد لرئاسة الحكومة، عقب إخفاق المكلّف محمد علاوي بتشكيل الحكومة. وبينما أكد مطلعون على سير الحوارات وجود تقاطعات كثيرة تعترض طريق التكليف، بدت الكتل التي دعمت سابقاً تكليف علاوي، متمسكة بسيناريو "الغياب الطوعي" الذي أعلن عنه رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، كحلّ بديل يعوض خسارتها من جراء فشل علاوي.
ووفقاً للمعطيات الأولية لتلك الحوارات، فإن المرحلة قد تكون أكثر صعوبة من مرحلة تكليف علاوي، لا سيما مع تبلور تيار معارض أساساً لأي مرشح، محاولاً منع ذلك بكل قوته.
ووفقاً لبيان رئاسي صدر في ساعة متأخرة من ليل أمس الإثنين، فإن "صالح استقبل في بغداد رئيس "تيار الحكمة" الوطني عمار الحكيم، ورئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، ورئيس "تحالف الفتح" هادي العامري، ورئيس ائتلاف "النصر" حيدر العبادي، كلّ على حدة"، مبيناً أن "صالح أكد ضرورة الإسراع في التوصل إلى اتفاق بين الكتل السياسية من أجل تسمية رئيس مجلس وزراء يحظى بقبول وطني وشعبي".
وشدد صالح، على "الالتزام بالفترة الدستورية المحددة من أجل تشكيل حكومة قادرة على التصدي لمهامها في ضوء التحديات التي تواجه العراق"، مشيراً إلى أن "الجميع مطالَب بوقفة وطنية مسؤولة لتجنيب البلاد ما تمرّ به من ظروف معقدة وصعبة، وتهيئة الأجواء المناسبة لانتخابات مبكرة وتلبية مطالب العراقيين بمختلف أطيافهم".
وأكد البيان أنه تم خلال اللقاءات "الاتفاق على مواصلة الحوار والمشاورات بين القوى السياسية لاختيار وترشيح شخصية مقبولة تتصدى للأوضاع الراهنة، واستحقاقات المرحلة المقبلة، وإنجاز متطلبات الإصلاح في البلاد".
من جهتها، بدت الكتل التي تعتبر نفسها خاسرة من فشل علاوي بتشكيل الحكومة، متمسكة بخيارات صعبة تقطع الطريق أمام أي مرشح بديل قد يُطرح.
وقال رئيس كتلة "مليشيا بدر" البرلمانية (جزء من تحالف الفتح) محمد الغبان، إن "هناك خيارين للمرحلة المقبلة، يتمثل الأول باختيار مرشح من خارج الطبقة السياسية ليشكل الحكومة، والخيار الثاني هو الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال على أن يُحلّ البرلمان وتجري انتخابات مبكرة خلال 6 أشهر". وأشار إلى أنه "حتى الآن لا توجد أي توافقات أو تفاهمات واضحة إزاء ذلك".
من جهته، أكد مسؤول مطلع على مجريات الحوارات "صعوبة الخروج من أزمة التكليف وطرح مرشح يحظى بتأييد ويمكن له الحصول على ثقة البرلمان"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "صالح حاول، من خلال حوارات الأمس، تقصي وجهات النظر، خصوصاً للتحالفات التي دعمت علاوي، وقد اتضح أنها متجهة نحو رفض أي مرشح تطرحه القوى التي كانت رافضة لتكليف علاوي، في شخصنة واضحة لملف تشكيل الحكومة".
وبيّن أن "أحد خيارات تحالفَي سائرون والفتح، أبرز الداعمين لعلاوي، هو الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال، أي (سيناريو الغياب الطوعي)، ومنع اختيار أي مرشح بديل، بمعنى بقاء الحال على ما هو عليه لحين إجراء انتخابات مبكرة، وهو ما تعارضه كتل سياسية كثيرة تجده خياراً يصبّ بصالح استمرار الفساد، وتغول سلطة السلاح خارج الدولة، وضعف هيبة القانون".
في الأثناء، لجأت فصائل مسلحة تابعة لـ"الحشد الشعبي"، إلى لغة التهديد والاتهام، لقطع الطريق أمام أي مرشح لا ترضى به لتولي مهام تشكيل حكومة جديدة. وقال المسؤول الأمني لمليشيا "حزب الله" العراقية المرتبطة بإيران، أبو علي العسكري، إن "رئيس جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمي (أحد الأسماء المطروحة للتكليف بتشكيل الحكومة) متورط باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس".
وأكد، في تغريدة له، أن "ترشيح الكاظمي هو إعلان حرب على الشعب، وسيحرق ما تبقى من أمن العراق".


يُشار إلى أن خبراء سياسيين وقانونيين فسروا لجوء عبد المهدي إلى ما سمّاه بـ"الغياب الطوعي"، بأنه خطة لقطع الطريق أمام اختيار شخصية جديدة لمنصب رئيس الوزراء.
وعدّ رئيس مركز التفكير السياسي الدكتور إحسان الشمري، لجوء عبد المهدي إلى إعلان "الغياب الطوعي" عن المنصب، بأنه محاولة استمرار معادلة السلطة الحالية، وقطع الطريق أمام رئيس الجمهورية برهم صالح لتسنم مهام رئاسة الوزراء، معتبراً أن المعادلة الحالية هي لاستمرار عملية النهب والتقاسم، محذراً من أنها "استمرار العراق خارج دائرة التوازن في علاقاته الخارجية".