السياسات الاقتصادية الحكومية تستفز الأردنيين

29 فبراير 2016
احتجاجات شعبية للمطالبة بخفض الأسعار (وكالة الأناضول)
+ الخط -
تشهد قبة البرلمان الأردني مناكفات متواصلة بين النواب والحكومة على وقع السياسات الاقتصادية التي تطرحها الأخيرة. حالة المدّ والجزر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، انتقلت إلى الشارع الأردني، الذي بدأ يرفع الصوت ضد الخطة الاقتصادية القائمة على "الجباية".
يؤكد الموظف الحكومي، أسامة العطيات، أن الحكومات المتعاقبة لا تعطي فرصة للمواطن الأردني لأخذ قسط من الراحة من التفكير بالوضع الاقتصادي، وسط تدني الرواتب وارتفاع الأسعار. ويقول: "يفكر الأردنيون في كيفية توفير لقمة عيشهم أمام سياسات الحكومة التي ترهق كاهل المواطن وتستنزف موارده". ويجد العطيات نفسه أمام دوامة لا تنتهي، كحال غالبية الأردنيين الذين خابت آمالهم مع الحكومات المتعاقبة، بسبب "سياساتها لتخفيف الديون، وإنعاش الموازنة العامة على حساب المواطن الذي بالكاد يجد قوت يومه".

ويرى رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب النائب عبد الله الخوالدة، أن سياسة الحكومة وخطتها الاقتصادية لا تقنع غالبية أعضاء مجلس النواب، لعدم مراعاتها حاجات الشعب المتمثلة في رفع مستوى المعيشة. ويقول: "يحاول النواب إنقاذ الأردنيين من حالة اليأس بسبب تردي الأحوال المعيشية، وما نقوم به هو أننا نضع أمام عين الحكومة حاجات الشعب ومتطلباته، والتي عادة ما يتم رفضها لعدم ملاءمتها مع الخطة الحكومية".
وتعكس تجربة الخوالدة النيابية معاناة النواب في التصدي لإجراءات الحكومة، والتي يصفها بـ"المجحفة "، حيث يظهر الخوالدة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، مدى الصعوبة في الجدال الاقتصادي تحت القبة البرلمانية.

أولويات المواطنين 

ولعل أكثر السياسات الحكومية التي تأخذ حيّزاً كبيراً في المناقشة ما بين النواب والوزراء، بحسب برنامج مراقبة أداء المجالس المنتخبة "راصد"، خفض أسعار المشتقات النفطية، ودعم المواد التموينية الأساسية، كالطحين، وزيادة رواتب موظفي الدولة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بالإضافة إلى المنح الخارجية التي يتم استنزافها دون معرفة جهات الصرف، "الحكومة تستفز النواب باستمرار بسبب تعنتها في قرارات غير صائبة، خاصة في ما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية، وهذا أمر طبيعي، فالنواب يخدمون الشعب والحكومة تخدم الخزينة"، بحسب الخوالدة.
أما النائب رائد الخلايلة، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، فلم يغفل الضغط الكبير الذي يتعرض له المجلس النيابي، خاصة في ما يتعلق بخطط الحكومة الاقتصادية في مساع مستمرة للخروج بقوانين من شأنها التخفيف عن جيب المواطن. ويقول الخلايلة: "إن غياب محور التشاور ما بين النواب والحكومة في اتخاذ القرارات، كما حدث في الخطة العشرية، أدى إلى زيادة الفجوة بينهما. لقد فوجئنا بأن الحكومة تضع محاور الخطة للنهوض بالاقتصاد بمفردها دون الاستعانة بالنواب، الأمر الذي أثار جدلاً حينها، وزاد الهوّة بيننا، فعلمنا حينها أن الحكومة لا تأبه للسلطة التشريعية". ويضيف: "إن المواطن الأردني غير راض عن الأداء الحكومي الاقتصادي، فلا يزال المواطن بعيداً عن الرفاهية التي ينشدها". إلى ذلك، لم يحصل الخلايلة على تفسير واضح من قبل الحكومة بشأن عدم ترجمة السياسات الاقتصادية للحكومة على أرض الواقع، واصفاً الحكومة بأنها "بليغة في الإنشاء، بعيدة عن الواقع".
يعتقد 45% من الأردنيين أن الوضع الاقتصادي لأسرهم سيكون أسوأ مما هو عليه الآن، بحسب استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية على عيّنة أردنية في العام 2013، أي بعد عام من تولي الحكومة الحالية منصبها، فيما يعتقد 23% أن الوضع الاقتصادي لأسرهم سيكون أفضل مما هو عليه.
وجاءت خيبة أمل الأردنيين، بحسب الخبير الاقتصادي خالد الزبيدي، نتيجة لعدم مراعاة الحكومة للحالة الاقتصادية السيئة، في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وعدم وجود آلية مناسبة لتخفيف وطأة المعاناة. ويقول لـ"العربي الجديد": "هنالك تشاؤم عام في الشارع الأردني الذي بات معتاداً على هذا الأمر، وفي الحقيقة، فإن المواطن الأردني يركز في البحث عن قوت يومه بدلاً من التفكير بسياسة الحكومة الاقتصادية".
ويؤكد الزبيدي أن "المطلوب اليوم للخروج من هذا الواقع، وجود إدارة في الحكومة تُعنى بالخروج من المأزق الاقتصادي. فالحكومة تمارس سياسة الصفع تجاه الشعب، وترحيل الأزمات إلى حكومات مقبلة، الأمر الذي يثير تعاطفاً دولياً مع الأردنيين المتخبطين في معيشتهم".

اقرأ أيضاً:أموال الأردنيين لم تستثمر في تنمية الاقتصاد
المساهمون