التهاب الكبد ينتشر في سورية

13 ديسمبر 2014
أبرز الأمراض بين النازحين (براء الحلبي/فرانس برس)
+ الخط -
يؤكد خبراء ازدياد انتشار التهاب الكبد في سورية. وتحوله إلى أبرز الأمراض المعدية التي تصيب السوريين في الداخل، وفي مخيمات اللجوء في الدول المجاورة.

ويشير المتخصص في الأمراض الداخلية عبد الغني (تحفظ عن ذكر اسمه الكامل) إلى أنّ "معدل انتشار التهاب الكبد (أ) داخل سورية بات مرتفعاً جداً". ويردف: "لم نتمكن من تحديد أماكن انتشار المرض، إلا أنها تمتد إلى معظم المناطق السورية، لأن أغلب المرضى هم من النازحين".

كما يوضح الدكتور ثائر (تحفظ عن ذكر اسمه الكامل)، وهو أحد الأطباء المقيمين في مستشفى جامعة حلب، أنّ "متوسط عدد من شخصت إصابتهم بالمرض في المستشفى، يصل إلى 10 حالات يومياً"، فيما معظم الحالات هي "لقاصرين، دون 18 عاماً، معظمهم من مدن وأرياف الشمال السوري كحلب والرقة وإدلب".

ويشدد على أنّ "مستوى النظافة بات دون الحدود الدنيا في أماكن انتشار المرض. وجميع المصابين يعيشون ظروفاً صعبة جداً". ويوضح أنّ الفيروس "لا ينتقل إلا من خلال تناول أطعمة ملوثة ببراز مريض آخر. فيما القليل من الماء والصابون كفيل بالوقاية منه".

من جهتها، تقول المواطنة السورية أم علي، وهي أم لثلاثة أطفال مصابين بالتهاب الكبد، لـ "العربي الجديد": "لم أعلم بإصابة أولادي. أصيب أحمد أولاً وانتقل المرض إلى أخوته. المياه مقطوعة عندنا منذ ثلاثة أشهر، ويعبئ أطفالي مياه الآبار يومياً، ويحملونها من أماكن بعيدة. لذا فنحن نغسل أيدينا بكميات قليلة حتى لا ينفد مخزوننا. ولا نستعمل الصابون. كما أننا لا نغسل الخضار غالباً".

في المقابل، يشير أحد موظفي مديرية الصحة في حلب، صائب (تحفظ عن ذكر اسمه الكامل)، لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ "عشرات محلات الأطعمة الجاهزة في المدينة مخالفة لشروط الحد الأدنى من النظافة، وهي تشكل منبعاً لانتقال العديد من الأمراض أهمها التهاب الكبد". ويضيف أنّ "هناك 180 مطعماً ومحلاً لبيع الأطعمة الجاهزة مخالفاً داخل المدينة، عدا عن الأطعمة التي يتم بيعها على العربات والتي لا تخضع للرقابة". ويتابع أنّ المحلات التي تمّ إغلاقها "10 محلات فقط، فيما تكفلت الرشاوى في إعادة فتح سبعة منها". ويوضح أنّ "المشكلة الحقيقية هي عدم قدرة أي جهة على فرض شروط النظافة الصارمة في ظل انقطاع المياه لفترات طويلة جداً عن المدينة".

إلى ذلك، يشير متخصص الأمراض الهضمية، غانم عطية، إلى أنّ المرض لا يشكل خطراً مباشراً على حياة المريض. إلا أنّ الخطورة الحقيقية تكمن في عدم معرفة المريض لحالته وتناوله العلاج الخاطئ. ويكشف عطية لـ "العربي الجديد" عن "حدوث حالتي وفاة في حلب خلال أسبوع واحد". ويوضح أنّ "هذه الوفيات والعديد غيرها تحدث عندما تختلط الأعراض على المريض. فعندما يشعر بتعب عام وضيق في التنفس وبعض الآلام المفصلية، يظن بأنها أعراض الإنفلونزا، ويبادر إلى أخذ حقنة عضلية من الكورتيزون ومسكن الألم. وهو ما يؤدي إلى تحول المرض إلى التهاب كبد صاعق وربما يؤدي إلى الموت".

من جهته، يقول الطبيب ثائر إنّ اجتماع الظروف الاجتماعية والبيئية السيئة في مكان واحد، يسهم في انتشار المرض ويؤدي إلى تراجع حالة المرضى الصحية. كما يزيد ذلك من احتمالات تدهور صحة المريض حتى بعد تعافيه، بسبب عدم تحسن ظروف معيشته. ويوضح أنّ "العديد من اليافعين المصابين بالتهاب الكبد هم من المدمنين على الكحول. وعلى الرغم من أنّ الكحول لا يرتبط مباشرة بالمرض إلا أنه يزيد من سوء حالة المريض". ويضيف أنّ "معظم المصابين الأطفال يذهبون إلى مدارس مكتظة بالتلاميذ. ويضطر الأطفال إلى استعمال حمامات نتنة تفتقر إلى النظافة. وهو حتماً يتسبب بانتقال العدوى إلى العشرات من بينهم كل يوم".

التعطيش ونقص الخدمات
تفتقر معظم المرجعيات الصحية الرسمية في سورية لإحصائيات حول عدد الإصابات الحالية بالتهاب الكبد. في المقابل، يشير الطبيب عبد الغني إلى وجود حالة من التستّر حول مدى سوء الحالة الصحية للبلاد، بخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. ويقول إنّ النظام يدرك جيداً أنّ الحالة الصحية العامة هي انعكاس لنقص الخدمات وعملية التعطيش والحرمان التي يعانيها السوريون.
المساهمون