ساهم استمرار الصراع في اليمن منذ نحو عام ونصف العام في تفاقم الأزمة الإنسانية وتدهور قطاع التعليم، بعد إنجاز تمثّل في زيادة نسبة الالتحاق بالتعليم بـ 17 في المائة خلال العقد الماضي. ولطالما واجه اليمن مشاكل عدة ونزاعات محلية، إلا أنه كان للحرب الأخيرة تأثيرها على قطاع التعليم والبنية التحتية، عدا عن ضعف الموازنة، الأمر الذي أدى إلى تراجع نتائج الاستراتيجية الوطنية لتحسين التعليم.
في هذا الإطار، صنّفت اللجنة الدائمة المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة قطاع التعليم في البلاد في حال طوارئ، نتيجة تعطّل العملية التعليمية والنزوح وسكن النازحين في المدارس أو استخدامها لأغراض عسكرية، عدا عن الأضرار التي لحقت بالمدارس نتيجة القتال. وتوقّفت مؤسسات التنمية الوطنية والدولية عن دعم قطاع التعليم، لتتحول مهمة إنقاذه إلى منظمات إنسانية تقدّم مساعدات محدودة وقصيرة الأمد.
مدارس مغلقة
خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الدراسي الماضي، كانت 3584 مدرسة مغلقة، وزاد عدد النازحين إلى 2.8 مليون شخص، بينهم 13 ألف مدرّس و1.1 مليون تلميذ بحسب الأمم المتحدة. عوامل أدّت إلى حرمان نحو 1.9 مليون تلميذ يشكّلون 32 في المائة من إجمالي عدد التلاميذ من الحصول على التعليم.
وقبل بدء الحرب الأخيرة، كانت أكثر من 500 مدرسة في حاجة إلى تأهيل أو إصلاح لتصبح آمنة وملائمة للتعليم، في حين أنّ 1.6 مليون طفل في سنّ التعليم هم خارج المدرسة. وبحسب التقرير المشترك الصادر عن منظمات دولية، وضع اليمن في المستوى الثالث من مستويات الطوارئ. تزامن ذلك مع استحداث وزارة التعليم لجنة التعليم في الطوارئ بهدف رصد آثار الحرب على قطاع التعليم، وضمان اتخاذ إجراءات للحدّ من النتائج السلبية على القطاع، بعد دعم المنظمات المذكورة.
وتعتمد الجهات المعنيّة التي تعمل على الحد من أزمة التعليم، على تمويل محدود لا يتجاوز خمسين مليون دولار أميركي، وهو المبلغ المتبقي من منحة مؤسّسة الشراكة العالميّة من أجل التعليم، والتي دعمت قطاع التعليم في عام 2013. من جهة أخرى، تسعى منظمات أخرى إلى تأمين تمويل إضافي لمواجهة الأزمة. ويؤكد مدير وحدة برنامج الشراكة العالمية للتعليم في وزارة التعليم، عامر الأغبري، على أنّ المجموعة تعمل على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال خارج المدرسة والقاطنين في مناطق النزوح وتلك المتضرّرة، وتحسين مستوى التعليم خصوصاً لدى الفتيات، بالإضافة إلى تدريب مدرّسين وإعادة تأهيل 142 مدرسة في خمس محافظات تعدّ الأكثر تضرّراً بسبب الصراع.
في هذا الإطار، ينتقد التربوي حسين محمد ضعف حجم التمويل وجهود الاستجابة لحالة الطوارئ في قطاع التعليم، مشيراً إلى أنّ الأموال المرصودة في الوقت الحالي لا تؤمّن حاجات المحافظات، عدا عن الانقسام في وزارة التعليم بين طرفي الحرب. يضيف أنّ هذا الانقسام أدّى إلى تعطيل إيجاد رؤية حكومية موحدة لمواجهة التحديات، مشيراً إلى أنّ "وضع قطاع التعليم في مستوى الطوارئ يتطلب سرعة في التحرّك سعياً إلى حلّ الأزمة، إلا أنّ المنظمات العاملة بطيئة، الأمر الذي يعني عدم توفّر استجابة سريعة".
صيانة وتأهيل
ويؤكد محمد أنه في مدينة عدن الخاضعة لسيطرة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، تساهم منظمة واحدة فقط في حل أزمة التعليم. ويوضح أنّ هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تمكنت خلال عام واحد فقط من استكمال تأهيل وصيانة 141 مدرسة من أصل 154 مدرسة متضررة من الحرب. ويجري العمل حالياً على تأهيل 13 مدرسة أخرى في عدد من مديريات عدن. في الفترة نفسها، ساهمت 50 منظمة أخرى في ترميم 160 مدرسة فقط في مختلف المناطق في البلاد.
تجدر الإشارة إلى أنّ اليمن كان قد عمل على زيادة فرص التلاميذ في الالتحاق بالتعليم الرسمي على الرغم من التحديات الكثيرة، حتى قبل بدء الحرب في مارس/ آذار في العام 2015. وزادت نسبة الالتحاق بالتعليم وانخفضت نسبة الأمية من 90 في المائة في عام 1973 إلى 45 في المائة في عام 2004، بحسب البنك الدولي.
في سياق متّصل، أكّد تقرير صادر عن الأمم المتحدة ارتفاع أعداد النازحين في اليمن بسبب الصراع الذي يشهده البلد منذ نهاية مارس/ آذار من العام الماضي. أضاف التقرير الصادر عن الفريق المعني بحركة السكان، أنّ عدد النازحين اليمنيين وصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين ومائة ألف شخص، من بينهم مليونان و200 ألف مشرّد داخلياً.