إعترافٌ أم حق؟

إعترافٌ أم حق؟

29 يوليو 2017
+ الخط -
كان من المستحيل أنّ تجد تعليمات أو ملاحظات معلّقة على حائط ما في إحدى الدوائر الرسمية مكتوبة باللغة الكُرديّة في سورية، أو بالأحرى أنّ تتحدث باللغة الكُرديّة، فهي خطرٌ على أمن البلاد بشكل عام وتستهدف أمنها القوميّ بشكل خاص، إذ قام حزب البعث بمحاربة اللغة والثقافة الكُرديّة والعمل على طمسها منذ تسلمه للسلطة في سورية.
أتذكر أحد الأيام حين كُنتُ طفلا في الصف الثامن الإعدادي بمدرسة البحتري في مدينة الحسكة، عندما تحدثت باللغة الكُرديّة ضمن حصة درس الرسم مع ابن عمتي، والذي يجلس معي في نفسِ المقعد، فتفاجأت بصُراخٍ للأنسة، قائلةً بالعامية "شو هل لغة...شو عم تحكوااا"!
كانت الأنسة تُعرف في المدرسة بالـ "حزبيّة"، ومعنى الحزبيّة هنا واضح جداً، يعني أنه لا أحزاب أخرى لتتساءل من أي حزب هذه؟! فأنت في سوريا الأسد ولا يوجد غير حزب حاكم واحد لا أحد.
بالتأكّيد فصلنا أنا وابن عمتي لمدة أسبوع من المدرسة بسبب تحدثنا باللغة الكُرديّة، حتى أنه لم يتمكن الموجه والمدير من توقيفها أيضاً ووافقوا على مطلبها بـ "قرار فصل"، لأنها حزبيّة، ولأنها تستطيع كتابة تقرير أمني وإرساله إلى أمن الدولة، فإن لم يوافقوا على قرار الفصل، فهم يُشكلون خطراً على أمن الدولة، وفقاً لسياسة حزب الأنسة.
في النهاية، قدم عم لي إلى المدرسة وتوصل إلى حل مع الأنسة برفقة صديق له يُدير إحدى المؤسسات المدنية للنظام السوري في الحسكة وعاودنا الدوام في المدرسة أنا وابن عمتي من جديد.
كلّ هذا أتذكره وأنا واقفٌ أمام لائحة تعليمات المدرسة في مدينة دويسبورغ الألمانية التي تحمل تعليمات دورة الاندماج من المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، إذ تم ترجمة التعليمات إلى مختلف اللغات ومنها اللغة الكُرديّة.. وهنا أتساءل هل وضع اللغة الكُرديّة على لائحة المدرسة هو اعترافٌ بي أم حقٌ لي؟!
0B630F08-61BF-42BD-A664-C2FBE0B2EB27
0B630F08-61BF-42BD-A664-C2FBE0B2EB27
آلند شيخي (سورية)
آلند شيخي (سورية)