يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة)، عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، ونستكمل سوياً الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.
كان يجب عليّ أن أضبط نفسي بعد كل هذا.. لم أكن قد فقدت الأمل بالكامل.. كنت أريد التأمين على وضعيتي في الفريق.. لكن الطريق إلى مكان التدريبات كان طويلا جدا.. كنت أنطلق لسبعة أميال تقريبا.. وأصل إلى التدريبات.. في بعض الأحيان أرى بعض الدراجات المميزة في الطريق، ومن ثم أفكر: "لما لا؟".. أفكر في سرقتها، لأنني أصبحت مميزا في هذا الشيء.. في إحدى المرات رأيت دراجة صفراء مميزة مع الكثير من الصناديق فيها.. أعجبتني وسرقتها وانطلقت.. لكن بعد مسافة بسيطة، لاحظت أن الصناديق لا تبدو عادية، وبعد التركيز، وجدت أنها دراجة ساعي البريد!
عدتُ فورا قريبا من المكان، وضعتها في مكان مختلف، لكنهُ قريب من المكان الذي سرقتها فيه: لا أريد سرقة إيميلات الناس أيضا.
أتذكر في مرة أخرى، كنت قادما بدراجة مسروقة إلى النادي، وقفت أمام النادي وكنت جائعا ومتململا.. لكنني رأيت دراجة رائعة موقوفة أمام غرف خلع الملابس.. لم أستطع المقاومة وقمت بكسر القفل، كانت دراجة رائعة.. سرقتها ووضعتها في مكان بعيد، لكي أتأكد من أن مالكها لن يراها.. وأعتقد أنها كانت لأحد المدربين.. بعد ثلاثة أيام تم عقد اجتماع.. كنت خائفا لأن عقد اجتماع يعني أن هناك مشكلة.. كنت أجهز الأعذار الذكية لتجاوز التهم.. لكن الاجتماع بدأ وكان عن دراجة أخرى لمدرب آخر: "هل رأيتها؟".. في هذه الحالات لا تقول فقط لا.. تظهر بعض الذكاء وتبدأ بقول: "أنا حزين ذلك، يا لك من غير محظوظ.. أنا سبق وأن سُرقت دراجتي أيضا".. ومن هذه الأشياء..
كنت فقيراً، وفي الوقت الذي كان فيه أغلب لاعبي الفريق يرتدون أحذية رائعة من نايكي وأديداس، كنت أرتدي أحذية بلدية بالية.. لم يكن لدي شيء جميل لأظهره.. عندما نسافر مع الفريق خارج المدينة، كان أغلب اللاعبين لديهم مبالغ جيدة: ألفا كرونا وما إلى ذلك.. لكن أنا فقط 20 كرونا، وكان والدي أيضا يتأخر في دفع الإيجار في كل مرة يقدم لي هذا المبلغ لكي أسافر.. لم تكن هناك أية طريقة لمقارنتي بزملائي: "تعال معنا زلاتان سوف نذهب لنشتري البيتزا والهامبورغر ونقوم بالتسوق".. "لا، شكرا، لست جائعا، أفضل البقاء هُنا".. وهكذا..
في بعض الأحيان كنا نلعب ضد الفريق الأول لمالمو.. كان اللاعبون زملائي يصيبهم الجنون تجاه النجوم الكبار في الفريق، كان هناك الحارس توماس ريفالي، الذي كان بطلا في كأس العالم لدى السويديين بعد تصديه لضربة جزاء.. كان يريدون التواقيع منهم، وأنا لم أهتم.. في النهاية أنا قادم من روينجارد، ولا أعرف هؤلاء السويديين.. شاهدت كأس العالم، لكنني لم أهتم إلا للبرازيليين.. كنت أتابع روماريو وبيبيتو.. والشيء الذي كنت مهتما به تجاه ريفالي، كان الشورت الذي يرتديه.. كنت أفكر: من أين يمكنني أن أسرق واحدا مثله؟!
كنت قد تطورت ولعبت بشكل جيد، على الرغم من أن النحيب لم يتوقف في المدرجات: "الآن بدأ في حركاته المعتادة".. "الآن بدأ بالاستعراض مرة أخرى".. "إنه لا يخدم الفريق".. كنت أغضب: من أنتم لكي تقوموا بالحكم عليّ من هُناك؟.. لم أكن أفكر في أي شيء، لكن في الحقيقة كنت قد عانيت من تغيير النوادي لفترة طويلة، كما أن والدي لم يكن أبدا بقربي ليدافع عني حينها.. ويشتري لي الملابس الجيدة.. كنت أعتمد على نفسي فقط..
اللاعبون السويديون وآباؤهم بغرور دائما ما كانوا يحاولون إظهار أخطائي.. لم أكن أهتم لهم، كنت أريد فقط الحركة ولا أفضل الراحة أبدا، أتذكر أن مدرب البراعم جوني جيلنسو كان قد تحدث لإدارة النادي التي استقبلت شكاوى آباء اللاعبين: "لا يمكن لأي لاعب أن يتغير بسرعة، نحن نفقد موهبة عظيمة".. بعد ذلك اقتنعت إدارة الفريق، وقام فريق الشباب بتوقيع عقد معي بـ1500 كرونا في الشهر.. كانت انطلاقة.. وكنت قد بدأت أطمح إلى الأكثر.. كان الأمر يتعلق فقط بـ: انطلق ولا تستمتع لأحد.. لم يكن الأمر مستحيلا في نظري..
كنت أعمل بشكل شاق، وأتدرب كثيرا.. لكنني لم أسطع وحدي في النادي، لأن هناك لاعبين آخرين أكثر سطوعا مثل توني.. كان هناك الكثير من زملائي يجيدون بعض المراوغات المميزة.. كنا نتسابق في هذا المجال.. بعد التدريبات نعود لندخل الكمبيوتر، ونرى لقطات يقوم بها رونالدو وروماريو ونبدأ بمحاولة تطبيقها.. نتدرب حتى نتقنها.. كانت الأمور ليست سهلة، لأن البرازيليين لديهم لمسة خاصة.. كنا نتدرب حتى نقوم بها في التدريبات ومن ثم نطبقها في المباريات.. كان هناك الكثير من اللاعبين الذين يقومون بهذه الحركات البرازيلية، لكنني كنت متقدما بخطوة أمامهم.. تعمقت في هذا الأمر كثيرا، وكنت أهتم بكامل تفاصيل الحركة التي أريد تطبيقها.. كنت مهووسا بهذه الحركات وتطبيقها.. كانت هي طريقتي للظهور باختلاف عن الجميع.. كانت أراوغ وأظهر حركاتي.. بقدر ما كان آباء اللاعبين يتعمقون في التذمر مني..
اقرأ أيضا..أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"