آخر تقليعات نظام الأسد: "الأمان" سبب نشاط السياحة بسورية

04 اغسطس 2014
فنادق خالية من السياح في سورية(العربي الجديد)
+ الخط -

قال رئيس الحكومة السورية، وائل الحلقي في مؤتمر صحافي: "إن اتساع رقعة الأمان وعودة الحياة إلى مجراها الطبيعي في معظم المناطق السورية، أبرز أسباب النشاط السياحي"، ما أثار ابتسامات خفية للحاضرين من موظفي الوزارة، والإعلاميين، وبعض المواطنين الذين حضروا المؤتمر".

وأضاف الحلقي: "إن القطاع السياحي في سورية اليوم يعد أحد شرايين التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة في المرحلة المقبلة، وتعول عليه آمال كبيرة في دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والتنموي، وتوفير فرص عمل لأبناء المناطق والمحافظات، وتحقيق العدالة الاجتماعية".

أراد رئيس الحكومة ووزير سياحته بشر يازجي، من خلال هذه الجولة إطلاق رسائل عن الحالة الأمنية الجيدة، وأنهم يتجولون في البلد براحة وحرية وأن هذه المساحات الآمنة آخذة بالتوسع، فيما تقول الحقيقة عكس ذلك.

مشاريع قيد الإنشاء
منذ أشهر تروج وزارة السياحة والإعلام  في سورية، عن وجود مشاريع واستثمارات سياحية في أماكن سيطرة النظام، للإيحاء بأن سورية في اتجاه "الأمان"، وأن ما يجري على الأرض السورية ما هو إلا صراع بين الدولة والقوى "الظلامية".

فكانت آخر ابتكارات وزارة السياحة السورية، الإعلان عن مشاريع في مناطق الجذب السياحي، ومنها إطلاق 24 مشروعاً استثمارياً، إلا أن الملفت أنها جميعاً تتركز في ثلاث محافظات هي (اللاذقية، دمشق، السويداء)، فيما غابت بقية المحافظات السورية عن هذه الخارطة السياحية، بما فيها المناطق الأثرية وجبل الشيخ والمنطقة الجنوبية والشرقية والوسطى.

وفي دمشق، أعلن الحلقي عن مشاريع في منطقة المزة "كيوان"، و"بحيرة زرزر" على أطراف العاصمة، ومشروع صغير في "ضاحية قدسيا"،  أما في محافظة اللاذقية وهي المحافظة التي "تنعم بالأمان" فتم الإعلان عن مشاريع، "فندق القرداحة"، "الرمل الجنوبي"، "مبنى الكاملية"، "مبنى السلام".

وتمتد خطط المشاريع السياحية إلى محافظة طرطوس في "متن الساحل"، و"مشتى الحلو"، "مدخل المدينة الصناعية"، أما في محافظة السويداء كان لمناطق "عتيل"، "مطعم القلعة" في شهبا، "سهوة بلاطة"، "قصور قرماطة"، نصيباً من خطط الوزارة السياحية.

ولم تتوقف وزارة السياحة السورية عند هذا الحد، بل وأعلنت عمّا أسمته، "المشاريع المقترحة للعرض الترويجي"، وهي موقع "الروضة" ضمن منطقة "الزبداني" في ريف دمشق، وهو مشروع المدينة السياحية الطبية، ومشروع "تلفريك" في اللاذقية وآخر في السويداء، وهذا ما أثار السخرية كون أغلب هذه المناطق في ريف دمشق واللاذقية مشتعلة ولا سيطرة للنظام عليها باستثناء مشاريع السويداء كونها من المدن التي نأت بنفسها عما يجري في البلاد لظروفها الخاصة.

وأثار إطلاق هذه المشاريع سخرية واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي التي تداولت نكاتٍ تدعو وزير السياحة لتسليم تلك المشاريع لعناصر الجيش الحر والجبهة الإسلامية بما أنهم برعوا بحفر الأنفاق بسرعة قياسية.

فنادق خاوية

ويعاني القطاع الفندقي خلال الأزمة الحالية من غياب الزبائن وانخفاض الإيرادات، وارتفاع تكلفة المنتج الفندقي والصعوبة في تأمين متطلبات التشغيل الأساسية في كثير من الأحيان مثل الغاز والمازوت، واستمرار الرسوم والضرائب.

وإلى ذلك، خلت فنادق الخمس نجوم الشهيرة في دمشق وهي "الشام"، "وداماروز"، "والفورسيزن"، "الشيراتون"، من السياح، بعد انقطاع المجموعات السياحية الخارجية، وهروب رجال الأعمال السوريين، وانقطاع النشاطات الدولية والعربية والمحلية، فقام النظام في السنوات الأخيرة باستخدامها لاستضافة "المؤيدين" العرب والأجانب من صحافيين ووفود .

ويقيم في فندق "داما روز" بعض عناصر "الشبيحة"، وشيوخ وزارة المصالحة، وممثلو بعض وكالات الأنباء المناصرة للنظام، وتُجرى فيه بعض الاستقبالات السرية لقادة الحرس الثوري مع ممثلي أحزاب لبنانية وعربية تدعي المقاومة، ليتم شحنها سياسياً والاتفاق معها على تهريب السلاح.

أما "فندق الشام" فيبدو اليوم فارغاً حتى من المحال التجارية بداخله، التي كانت تشكل قاعدة استثمارية هامة، والزبائن هم من بقي من الممثلين السوريين.

في الوقت الذي تحول فيه فندق "الفورسيزن" والذي تعود ملكيته للأمير الوليد بن طلال مقابل 33 في المائة فقط لوزارة السياحة السورية، قلعة أمنية كبيرة محاطة بقواطع إسمنتية وحراسة شديدة من عناصر الأمن والمخابرات.

في حين قام فندق "سميراميس" بإغلاق أبوابه بداعي الصيانة، فمنذ أكثر من عامين لم يدخله زبائن، وقد استقبل هذا الفندق في بداية الصراع مؤتمرين لما يعرف بالمعارضة الداخلية الوطنية، أما الآن فهو يضع يافطة على بابه الرئيسي "الفندق مغلق للصيانة"، وهذه العبارة يعرف السوريون أنها كاذبة وليست سوى إعلان عن التوقف النهائي.

سياحة دينية
تنتشر إلى جانب فنادق الخمس نجوم في العاصمة دمشق وريفها، فنادق بسيطة، تعيش على وقع السياحة الدينية، وقد أغلقت هذه الفنادق بشكل كامل بسبب أعمال العنف، كما أن السياحة الدينية لم تكن ترفد الميزانية العامة بشيء، وما بقي على قيد الحياة من تلك الفنادق البسيطة، مثل "عمر الخيام"، "قرطاجة"، "الشرق" وسواها، فقد أصبحت اليوم ملاذاً لأسر من ريف دمشق، هاربة من الموت، لا مكان لها في شقق الإيجار أو أنها تستعد للسفر خارج البلاد، فيما تحولت فنادق منطقة "السيدة زينب"، مقرات لعناصر حزب الله اللبناني، وكتائب أبو الفضل العباس العراقي.

ويبدو لافتاً التناقض الواضح بين ما يروج له رئيس الحكومة، وأرقام وزارة السياحة التي تتناول حجم الإيرادات السياحية، فقد أوضحت "وزارة السياحة" انخفاض العائدات الريعية الاقتصادية للمنشآت الفندقية في سورية، وبينت أن حجم المداخيل السياحية في منافذ الإنفاق السياحي انخفض من 319 مليار ليرة (2.1 مليار دولار) في العام 2010 إلى 4.6 مليار ليرة (30.8 مليون دولار) في 2013 وهو ما شكل نسبة 99 في المائة من الانخفاض في الإيرادات السياحية.

كما أكد وزير السياحة السوري بشر يازجي في تصريحات صحافية سابقة، أن الخسائر التي لحقت في قطاع السياحة السورية حتى نهاية شهر أغسطس/آب 2013 بلغت نحو 330 مليار ليرة (2.2 مليار دولار)، مشيراً إلى وجود انخفاض كبير في القدوم السياحي والذي وصل إلى 95 في المائة، عدا عن انتشار البطالة وخروج نحو ربع مليون عامل عاطل عن العمل بسبب الأزمة التي نشبت في سورية منذ منتصف مارس/آذار 2011.

وأشار إلى أن الكثير من الفنادق الموجودة والمملوكة من قبل وزارة السياحة في عدد من المحافظات السورية تضررت بسبب الاشتباكات التي وقعت، وخاصة في أماكن مثل تدمر التابعة لمحافظة حمص (وسط سورية) وفي مدينة حلب (شمالا) وفي مدينة اللاذقية الساحلية.

دلالات

المساهمون