و"سوا" هو الاسم الذي اتخذه الأسد عنواناً لحملته الانتخابية، أو "استعاره" من حليفه الروسي، الرئيس فلاديمير بوتين، الذي اتخذ في عام 2012 وخلال الانتخابات الروسية الشعار الترويجي نفسه لبرنامجه الانتخابي، وهو العنوان ذاته الذي كان سرقه بوتين من نظيره الأميركي "أوباما" في حملته الانتخابية في العام نفسه.
ربما تكون سرقة أفكار الحليف فكرة مبررة نوعاً ما، أما أن تسرق من العدو فذاك هو الغباء بعينه، إذ ظهر منذ أيام فيديو ترويجي لحملة "سوا" الانتخابية، وجاءت في الإعلان فكرة تقوم حول استلهام القوة من أرواح الشهداء، ليتردد الصدى في الفضاء السوري بطريقة رمزية، فتلبي النداء كل شرائح المجتمع، من فلاحين وعمال ومثقفين وأطفال، كل باختصاصه مهرولين، ليكون مركز التقاء هذه الجموع قلعة الحصن في حمص. واختيرت حمص لرمزيتها في الحصار الأخير، وإشارة إلى أن الحسم العسكري بدأ من أرضها، فيقوم الجميع برفع العلم السوري فوق قلعتها، وأداء التحية الجماعية أمام العلم الذي يغطي "سماء الوطن".
ومن يتتبع الفيديو يلاحظ لمسة اﻹبداع عليه، ولكن هذا اﻹبداع على ما يبدو مسروق، والمفارقة ممن هو مسروق؟
سرقة حملة بلديات تركيا
جاءت فكرة هذا الفيديو فترة انتخابات البلديات في تركيا، للترويج لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي ينتمي له رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، والمفترض أنه العدو اللدود للأسد وأنصاره، إلا أن مخرج الفيديو الترويجي لحملة الأسد لم يستطع، وعلى الرغم من "حذلقته" في الالتفاف حول الفكرة، أن يخفي التطابق مع فيديو الترويج لحزب العدالة والتنمية. ومن يقارن الإعلانين سيجد السرقة لروح الفكرة واضحة وضوح الشمس، بزيادة مستوى الإبداع الذي تفوق فيه فيلم حزب العدالة. وللأمانة فقد تفوق الإعلان السوري لحملة "سوا" بعشرين ثانية زيادة، إذ كانت مدة الإعلان التركي 3 دقائق وثانية واحدة، بينما جاء السوري 3.21 ثانية.
"تعفيش" الأفكار
وليست تلك السرقة العلنية سوى دليل إفلاس فكري لنظام الأسد وأنصاره من مثقفين وقائمين على الحملة، الذين لم يستطيعوا أن يأتوا بفكرة مستحدثة أصيلة، فقاموا بسرقة فكرة استخدمت للترويج لانتخابات بلديات في تركيا، وليس لانتخابات رئاسية حتى! أي أن الرئيس الأسد، بعرف القائمين على الترويج لحملة "سوا" يساوي عضو بلدية في تركيا. وإذا ذهبنا للتخمين بماذا كان يفكر مخرج هذا العمل أثناء السطو على الفكرة، سنكون أمام عدة خيارات، أهمها أنه ربما استند الى مبدأ "السارق من العدو كالوارث عن أبيه".
ولعل مُخرج العمل استلهم الفكرة من الخطى الحثيثة "للجيش السوري" الذي دأب على سرقة منازل السوريين، تلك السرقات التي بدأت مع بداية الثورة ووثقها الناشطون بالفيديوهات وأطلق عليها السوريون مصطلح "التعفيش"، نسبة لسرقة عفش المنازل. فطوبى للمخرج الذي لم يستطع أن يأتي بفكرة جديدة لإعلان الحملة الرئاسية، ولكنه صاحب الأولوية على مبدأ "التعفيش الفكري"، وطوبى لحملة "سوا" التي نقلت مفهوم التعفيش من بعده المحلي إلى الإقليمي.