"ستاند- أب" كوميدي رغماً عن داعش

27 يوليو 2015
الممثل فرج عبد الكريم (تصوير: مصطفى اكريم)
+ الخط -
يوحي عنوان عرض الفنان المسرحي الليبي فرج عبد الكريم، بالاستعجال والوضع الطارئ وأزمة المكان والزمان التي تعيشها البلاد، كأن العنوان يتحدّث بلسان حال فناني ليبيا: سنظل ننتج فناً بأقل القليل حتى وإن كان "ع الواقف" كما هو عنوان المسرحية.

المسرحية التي أخرجها عبد الكريم وألّفها الكاتب المسرحي سالم الهنداوي، تُعرض وعُرضت على خشبات مسارح مدن ليبية مختلفة معظمها في الشرق. وها هو يحط بعرضه في بنغازي، المدينة التي تركها قسراً في بداية المواجهات المسلحة والمستمرة منذ عام، حيث قام عناصر من تنظيم "داعش" بتفجير بيته.

العرض قُدّم منذ أيام على خشبة "المسرح الوطني"، في منطقة السلماني الغربي، وسيتواصل لليالٍ أخرى نتيجة الإقبال على حضوره.

تتناول المسرحية النشأة الاجتماعية، وما يصاحبها من أخطاء تربوية تؤثر مستقبلاً في مسار جيل بأكمله، فتنتج التعصب والتطرّف والانجرار إلى العنف والتعامل السطحي مع قضايا تحتاج إلى فهم عميق. التنشئة التي تديرها العائلة والمجتمع والدولة وأدّت إلى ضحالة المستوى التعليمي والانغلاق، ما جعل أمر تجنيد هذه الأجيال في حروب التطرّف ليس أمراً صعباً.

تنتمي "ع الواقف" إلى أسلوب الحكواتي، وقد نجحت في الغوص في الشخصية الليبية، وتناولت معظم سلبياتها وبعض إيجابياتها الموروثة من أجيال سابقة.

وسجّلت المسرحية عودة الكاتب سالم الهنداوي إلى الكتابة المسرحية، بعد انقطاعه عنها منذ الثمانينيات. يقول الهنداوي في حديث إلى "العربي الجديد": "انقطعت عن الكتابة بعد مسرحية "صائد الأسود" التي أخرجها لـ "فرقة المسرح الحديث" في البيضاء الفنان عز الدين المهدي. بعد تلك التجربة الرمزية، صرتُ أميل للمسرح السياسي، وتعزز ذلك بعد لقاءاتي المتعددة بصديقي الشاعر والكاتب المسرحي الراحل محمد الماغوط".

ويواصل الهنداوي: "في 2013 عدتُ للتلفزيون من خلال المسرح في الحوارية المشهدية "راس الخيط" التي قدّمها الفنانين فرج عبد الكريم وخالد الفاضلي ضمن فقرات سلسلة "هدرازي" الشهيرة التي يقدّمها عبد الكريم في مواسم "رمضان". قبل ذلك كنت قدّمت في 2010 عملاً للفنانين السوريين بسام كوسا ويوسف قزق، لكن هذا العمل العربي لم ينجز بسبب ظروف الإنتاج، فأعدت كتابة معظم حلقاته وقدّمناه للجمهور الليبي في موسم رمضان 2013".

وعن مسرحية "ع الواقف" يقول: "تجربة الـ "ستاند أب كوميدي" هذه محاولة لتحديث وإعادة مسرح الحكواتي". وحول إن ما كانت تجربته مقتبسة من المسرح العالمي يضيف الهنداوي: "التجربة في أساسها عربية أصيلة، وليست كما يُقال ظهرت في "بريطانيا" في القرن الثامن عشر واشتهرت في أميركا، التجربة عربية ونحن نملك القدرة على تطويرها وستكون نواةً لعودة المسرح الليبي وتنشيط تأثيره الاجتماعي والسياسي في الناس".

وفي حديث إلى "العربي الجديد" بعد العرض يقول عبد الكريم عن الفن في زمن الحرب: "الآن ﻻ أشعر بأن راضٍ، أشعر أني أحتاج إلى رفع السلاح. أشعر بالمهانة، حقيقة أعمالنا الفنية ﻻ تؤثر، ﻻ تطرد الدواعش".

قُدّمت المسرحية كمبادرة شخصية من الفنان، ولم تكن تحت رعاية أي مسرح أو فرقة، حتى إعلانات المسرحية كتبها عبد الكريم بخط يده، وعلّقها أمام المسارح التي سيعرض فيها العمل.

كما حرص المؤلف والمخرج على أن تكون المسرحية متقشفة التكاليف، فليس بها مكياج أو ديكور أو مؤثرات صوتية ولا إضاءة، لا شيء سوى ممثل يحكي على الخشبة بلباسه العادي وبصوته العادي وكأنه يتحدّث عن نفسه. ساعة كاملة من الكلام والمتعة، انتهت بتصفيق تواصل لخمس دقائق.

دلالات

المساهمون