البرامج الانتخابية

والتحالفات العجيبة

برامج الأحزاب اللبنانية...تعهدات بتأمين الحقوق البديهية وانفصام اللوائح

رشا أبوزكي

تعتبر البرامج محورية في الانتخابات، خصوصاً البرلمانية منها. إذ يعد البرنامج عقداً يتضمن بنوداً يلتزم بها المرشح خلال تمثيله المواطنين في مجلس النواب، ليقوم الناخب عبر الاقتراع بالموافقة على هذا العقد، على أن يخضع المرشح للمحاسبة في حال أخل بالتزاماته. كذا، تقوم الديمقراطيات على التنافس من خلال البرامج، التي تحاكي مصالح المواطنين وتطلعاتهم في السياسة والاقتصاد والثقافة والأمن وغيره.

 

ويختلف البرنامج الانتخابي عن الوعود العادية، إذ يكون محدد الأهداف والمدة الزمنية لتحقيقها، وآليات التمويل في المشاريع التي تحتاج لإنفاق الأموال، في المقابل يتم تحديد الإيرادات التي ستغطي هذه النفقات.

ويولي الناخبون في غالبية الدول الديمقراطية البرامج الانتخابية أهمية قصوى، وتم إعداد العديد من الدراسات التي طاولت البرامج الانتخابية وتأثيرها على المزاج الانتخابي. من أبرز الدراسات تلك التي نشرتها المجلة الأميركية للعلوم السياسية العام الماضي، بعنوان: "الوفاء بالتعهدات الانتخابية للأحزاب: دراسة مقارنة حول تأثير تقاسم السلطة"، وتناولت الدراسة 20 ألف تعهد تم تقديمها في 57 حملة انتخابية في 12 دولة. وبينت النتائج أن الأحزاب التي تصل إلى مراكز السلطة تنفذ برامجها أكثر بكثير من تلك التي لا تصل إلى السلطة، ويعود ذلك بطبيعة الحال إلى آليات المحاسبة عبر صناديق الاقتراع.

ويظهر تقرير لمجلة "فوكس" الأميركية، نشر في عام 2016 ويشرح أهمية البرامج الانتخابية والتزام الأحزاب بها، أن الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الأميركي صوتوا بما يتماشى مع برامج أحزابهم بنسب تراوحت بين 74% و89% على التوالي.

وإن كان البرنامج الانتخابي يكتسب هذه الأهمية في تحديد نتائج الانتخابات، إلا أن هذا التأثير يتراجع إلى حد كبير في العديد من الدول، ومنها لبنان. وتراقب جمعية "مهارات" البرامج الانتخابية اللبنانية، وتقول المديرة التنفيذية للجمعية رولا مخايل لـ "العربي الجديد" إنه يوجد دعاية سياسية في لبنان ولكن لا يوجد برامج فعلية تتوجه للناخبين بخطط واضحة ومشاريع مفهومة الهدف ومهل زمنية للتطبيق وغيره من الشروط التي يجب أن تتوافر بالبرامج الانتخابية.

وتشرح أن غياب آليات المحاسبة، يدفع الأحزاب للحديث عن إنجازات، لكن لا يوجد أي مجموعات رصد لهذه الإنجازات، ورغم الاختلاف فيما بين الأحزاب، اجتمعت وتحالفت لتأمين الحاصل الانتخابي من دون صياغة أي برامج موحدة تلتزم بتطبيقها حين الوصول إلى البرلمان. حتى جمهور هذه الأحزاب يبرر تحالفاتها بعبارة: "التحالف لتأمين الحاصل"، ويتناسى حقوقه ومطالبه ومصلحته. وحل هذه المعضلة يقوم على التثقيف الانتخابي، المواطنون يجب أن يعرفوا أن مصالحهم ليست آنية، وأن دور النائب ليس تزفيت الطرقات أو تقديم خدمات يجب أن تقدمها الدولة، وإنما تطوير منظومة التشريع لتنمية القطاعات والمؤسسات في البلد.

المعارضات اللبنانية... صوت آخر

تمتاز الانتخابات اللبنانية هذه المرة، بمشاركة ملحوظة جداً للمستقلين واليسار في غالبية المناطق اللبنانية. إذ قلما تغيب لائحة معارضة للسلطة عن الدوائر الانتخابية. ويُطلق اللبنانيون وكذا عدد من المرشحين المستقلين على أنفسهم صفة "المجتمع المدني"، وذلك على الرغم من أن دور المجتمع المدني يقوم أساساً على تشكيل قوة ضغط على السلطات لتنفيذ مطالب محددة، من دون أن يكون جزءاً من السلطة. إلا أن لهذه التسمية جذورها المرتبطة بما بعرف بـ "الحراك اللبناني" الذي انطلق مع تحركات مطلبية كان أبرزها التحرك الشهير ضد السلطة في ما يتعلق بملف النفايات. وقد قام هذا التحرك على تجمعات شبابية تغيب عن غالبيتها الصبغات الحزبية. كما يفسر عدد من الناشطين إطلاق صفة "المدنيين" على المستقلين، باعتبار أن غالبية الأحزاب اللبنانية كانت في الحرب الأهلية، مليشيات عسكرية.

 تكتل العديد من "نجوم" الحراك اللبناني أو توزعوا على لوائح "مدنية"، وظهر على الساحة "حزب سبعة" الذي يصف نفسه بـ "المنصة المستقلة"، وزرع مكاتبه في غالبية المحافظات اللبنانية، وقام بترشيح العديد من الوجوه المعروفة، مع إنفاق الكثير من الأموال على الحملات الإعلامية والإعلانية، ما أثار تساؤلات عن مصدر تمويله، بخاصة أن أمين عام هذا الحزب وهو جاد داغر (كان عضواً في حزب الكتائب لسنوات طويلة) كان مدرجاً وشركته على لائحة العقوبات الأميركية، وأزيل في عام 2016، ويشرح الحزب أن "هذا الإدراج كان بسبب خطأ من قبل الوزارة الأميركية وقد تم تصحيحه".

وقد انطلقت لائحة "كلنا وطني" بترشيح 66 شخصاً إلى الانتخابات، بينهم 22 باسم حزب سبعة، في حين يتوزع مرشحون مستقلون ويساريون آخرون على لوائح أخرى في الدوائر الانتخابية. وكان من اللافت أن غالبية لوائح المجتمع المدني تعهدت بتطبيق برامج جامعة لكل المرشحين فيها، بعكس ما فعلته الأحزاب السياسية الموجودة في السلطة المتحالفة في لوائح هجينة تجمع التناقضات من دون التوحد على برنامج موحد.

 إلا أن محاولات أحزاب السلطة لعب دور الموالاة والمعارضة في آن، جعلت من غالبية بنود برامج اللوائح المستقلة متشابهة مع برامج الأحزاب، مع تكرار عدم تحديد مهل زمنية لتطبيق برامج اللوائح المستقلة، باستثناء برنامج حزب السبعة، الذي حدد مهلاً زمنية وآليات للتمويل، بغض النظر عن العديد من البنود المثيرة للجدل التي وضعت في هذا البرنامج، وآلية احتساب أكلاف المشاريع وآليات تمويلها.

برامج الأحزاب الأساسية... حقوق بديهية للمواطنين

في متابعة للبرامج الانتخابية للأحزاب اللبنانية الأساسية المشاركة في السلطة، لا يمكن سوى ملاحظة أن هذه البرامج ليست سوى وعود لا تتضمن أي مهل زمنية لتحقيقها ولا استراتيجيات عملية لتطبيقها، ولا آليات تمويل تضمن تنفيذها.

الملفت أكثر، أن كل من التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، الكتائب اللبنانية، تيار المستقبل، حركة أمل، حزب الله والحزب الاشتراكي، ركزوا في برامجهم على بنود تعتبر من الحقوق البديهية للمواطنين في غالبية الدول، مثل تأمين الكهرباء والمياه، وتحسين الظروف البيئية والتعليمية، وإقرار الموازنة العامة، وضمان حرية الرأي والتعبير... وغيرها من "الوعود" التي تعتبر غريبة في ظل تقاسم هذه الأحزاب السبعة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية وغيرها منذ ما بين 13 سنة أقله، و27 سنة (ما بعد الحرب الأهلية). وهذه البنود التي تعتبر من الحقوق البديهية، لم يتم تنفيذها خلال السنوات الماضية، على الرغم من امتلاك هذه الأحزاب كافة الوسائل والآليات لتطبيقها.

ويقول المستشار القانوني طوني مخايل، إنه توجد أحزاب لم تعلن عن برامجها الانتخابية، وأخرى أعلنت عن برامج أقرب إلى الشعارات، وقلة من الأحزاب التي وضعت برامج انتخابية مفصلة. ويضيف أنه حتى لو يوجد برنامج انتخابي، فإن أغلبية الناخبين لا يحاسبون النواب بحسب برامجهم حيث تغيب عن الانتخابات المعايير الأساسية لإعطاء صوت لمرشح دون الآخر.

ويتابع مخايل: "نلحظ أنه حتى مع وجود البرامج، فإن الحملات الانتخابية بغالبيتها لا تركز على بنودها، وإنما على شد عصب الناخبين من خلال شعارات قائمة على لغة التخوين والتخويف والخطاب المذهبي والطائفي. أما في ما يتعلق بلوائح الأحزاب المتناحرة التي ترشحت على اللوائح ذاتها في غالبية الدوائر الانتخابية، فيلفت مخايل إلى أن هذه اللوائح لم تحمل أي برامج تجمع المتآلفين فيها، وإنما رفعت شعارات فضفاضة، بسبب الخلافات الكبيرة ما بين الأحزاب المنضوية في هذه اللوائح حول غالبية القضايا التي تهم الناخبين.

ويؤكد مخايل على أن "مكافحة الفساد" أو "وقف الهدر" لا يعتبران برنامجاً انتخابياً، فهذه أمور بديهية يجب أن تتوافر في لبنان، ويجب على الأحزاب الموجودة في السلطة أن تؤمّنها للمواطنين...

تحالفات بين الأضداد وتناقضات في البرامج

اهتمت الأحزاب اللبنانية الأساسية السبعة، التي تتوارث السلطة منذ سنوات، بنشر برامج انتخابية في هذه الدورة الانتخابية. بعض هذه البرامج مؤلف من صفحات عديدة (الكتائب، القوات، التيار الوطني الحر، وبعض البرامج أُعلنت عناوينه العامة من خلال خطابات رئيس الحزب أو أمينه العام (تيار المستقبل، حزب الله، حركة أمل)، في حين لم ينشر الحزب الاشتراكي برنامجاً انتخابياً، وإنما أعلن أن الوثيقة السياسية التي أعلنها الحزب في منتصف عام 2017 هي ذاتها البرنامج.

في عدد من الدول، تتحالف أحزاب مختلفة في لوائح انتخابية موحدة، إلا أن هذا التحالف يقوم على برامج تحمل تعهدات موحدة، يلزم بها كل حزب ينضوي في التحالف، وعلى أساس هذه التعهدات يختار الناخبون لوائحهم... لكن في لبنان تتناقض برامج الأحزاب السبعة الأساسية في بعض البنود إلى حد الاختلاف المطلق، إلا أن الملفت في هذا الإطار تحالف الأحزاب ذاتها في عدد من الدوائر، بالرغم من التناقضات البرنامجية.

وغالباً ما يعتمد بعض هذه الأحزاب على تكليفات دينية وسياسية ترغم الناخبين الذين يناصرونها بانتخاب لوائح محددة، ويعتمد البعض آليات الترغيب (الرشوات مثلاً) والترهيب (التهديد بمنع التوظيف أو وقف خدمات محددة للمواطنين)، وبالتالي يكون اتكالها على أن الناخبين لن يتطلعوا على البرامج الانتخابية، وإن قرأوا فسيكون أمامهم مجموعة من الوعود التي غالباً ما تنتقل من دورة انتخابية إلى أخرى من دون تنفيذها...

ويمتاز بعض البرامج الانتخابية للأحزاب الأساسية في دورة عام 2018 بالسطحية وتغليب الشعبوية في غالبية البرامج والشعارات الخالية من المضامين التنفيذية، وصولاً إلى التناقض ما بين عدد من بنود برنامج الحزب مع ممارسات الحزب ذاته... والرصد هنا سيطاول ظاهرتين: تحالف تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، وتحالف الحزب الاشتراكي وحزب الله.  ويلاحظ أن حزب الكتائب كان الأكثر احتراماً لمبادئه بغض النظر عن صوابية أو وهن بعد بنود برنامجه، بحيث حصر تحالفاته بالمستقلين والقوات اللبنانية. إلا أنه تحالف مع القوات في 4 دوائر انتخابية وضدها في 3 دوائر، ما يشير إلى عدم التوافق الانتخابي ما بينهما بالرغم من التقارب في البرنامج الانتخابي.

العونيون والمستقبليون... غرام الصناديق

التيار الوطني الحر، كان الأكثر تميّزاً في تحالفاته الغريبة، التي طاولت تقريباً غالبية الأحزاب التي يتوافق ويختلف معها في آن. وبين تحالفه مع حزب البعث والحزب القومي، وحركة أمل (عدوه اللدود)، لا يحتاج تحالفه مع الجماعة الإسلامية البحث في التوافق والاختلاف ما بين برنامجيهما، وقد أخذ مجالاً واسعاً من النقد والسخرية... ولكن، يتحالف التيار الوطني الحر مثلاً مع تيار المستقبل في عدد من الدوائر الانتخابية، في حين يعارض الحزبان بعضها في لوائح متناحرة بدوائر أخرى. وبالنتيجة، لا يمكن الاستنتاج سوى أن هذه التحالفات لا تقوم على أسس من التعهدات الانتخابية، وإنما على سعي للوصول إلى "الحاصل الانتخابي" الذي يرفع فرص فوز اللوائح وبالتالي الأحزاب المتناحرة بمقاعد برلمانية.

ماذا عن برنامجيهما؟

لا يتضمن البرنامج السياسي للتيار الوطني الحر نقاطاً مباشرة، إذ تندرج عناوين تعهداته بثلاث نقاط: "الأمن، مكافحة الفساد والقضاء". وكذا الحال بالنسبة إلى تيار المستقبل الذي يضع 11 بنداً عاماً في سياق التعهدات السياسية. ويتناقض البرنامجين في عدد من النقاط الجوهرية. إذ يبدأ برنامج تيار المستقبل السياسي بالتأكيد على أهمية اتفاق الطائف، الذي يرفضه زعيم التيار الوطني الحر الرئيس ميشال عون، والأخير رفض اتفاق الطائف وقام بحل البرلمان كي يمنع إقراره. وفي عام 2015، دعا عون في مؤتمر صحافي لإعادة النظر باتفاق الطائف ورأى أنه "لم يطبّق من اتفاق الطائف سوى تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية ونقل السلطة الإجرائية إلى مجلس الوزراء".

ويعتبر برنامج تيار المستقبل أن "الشرعية اللبنانية" بيدها السلطة في كل شأن سيادي، والتأكيد على حصرية السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الشرعية، (ويعني بذلك قرارات السلم والحرب التي يمسك بها حزب الله من خلال سلاحه). في المقابل، يشير برنامج "الوطني حر" في بند مباشر إلى "حق لبنان بالمقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض محتلة وحماية أرضه... من أطماع العدو الإسرائيلي".

أيضاً، يدعو التيار الوطني الحر إلى "الديمقراطية الميثاقية"، أي الميثاق الوطني" أو صيغة 1943، القائمة على توزيع رئاسة الجمهورية، الحكومة والبرلمان على الطوائف المارونية، السنية والشيعية. في حين يذهب برنامج المستقبل إلى "العبور إلى الدولة المدنية وتحريرها من الطائفية السياسية والإدارية".

وفي حين يلتزم تيار المستقبل بالتضامن مع الشعب السوري في "انتفاضته على الظلم" والعمل لإنهاء ملف عودة النازحين إلى بلادهم، يكتفي برنامج "الوطني الحر" بعبارة "معالجة سريعة للنزوح السوري"، خصوصاً أن التيار وهو حليف أساسي لحزب الله، لا يوافق بديهياً على عبارة "انتفاضة السوريين على الظلم"، التي يعني بها تيار المستقبل نظام بشار الأسد.

في المقابل، بدا لافتاً ما ورد في برنامج تيار المستقبل، أي التعهد بـ"الفصل بين السلطات" في حين يترشح إلى الانتخابات الحالية البرلمانية كل من رئيس الحكومة، ووزراء الداخلية والعمل والثقافة، الذين ينتمون كلهم إلى تيار المستقبل، في تزاوج واضح ما بين الوزارة والنيابة. وكذا الحال بالنسبة إلى برنامج التيار الوطني الحر الذي يتعهد بـ "الحد من نفوذ رجال المال في السلطة السياسية"، في حين يرشح باسمه مجموعة واسعة من "رجال المال" للوصول إلى البرلمان. وكذا يتعهد بـ "وقف نهائي للتدخلات السياسية في عمل السلطة القضائية، في حين أن وزير العدل التابع للتيار سليم جريصاتي في صراع مع القضاء الأعلى، وصل إلى رد مجلس القضاء الأعلى على كتاب لجريصاتي، ورد فيه: "لا يعود لمعالي وزير العدل توجيه تعاميم للقضاة، كما أن المجلس لا يعد أداة تنفيذية لهذه الغاية عملاً بمبدأ استقلالية السلطة القضائية".

أما في ما يتعلق بالبرامج الاقتصادية، لا يتضمن مشروع تيار المستقبل سوى عناوين عامة، في حين يدخل برنامج التيار الوطني الحر في التفاصيل، لكن يغيب عنه أي نوع من التعهدات المرتبطة باستراتيجيات تنفيذية ومهل تطبيقية وآليات تمويلية، لتتحول هذه التعهدات إلى مجرد وعود، غالبيتها تكرار لتعهدات التيار في انتخابات عام 2009، التي وردت في برنامج "نحو الجمهورية الثالثة"، مع التأكيد على أن برنامج عام 2009 الذي انتخب نواب التيار على أساسه واستمروا في البرلمان بعد التمديد لمدة 9 سنوات، كان تقدمياً بأشواط عن برنامج عام 2018، ومفصلاً بـ 58 صفحة، وفي التدقيق ببنوده، لم ينفذ أكثر من 97% من بنوده.

والملفت، أن التيارين يدعوان إلى زيادة وعي اللبنانيين وإلى تغليب تكافؤ الفرص على السيطرة الحزبية والطائفية وغيره، ولكن كليهما لم يتركا مجالاً حتى لأتباعهما إلا بتخطي حرية الخيار، ليصبح مناصر التيار الوطني مضطر لانتخاب مرشحي المستقبل لكي تفوز اللائحة المشتركة، بغض النظر عن عدم اقتناع مناصر التيار ببرنامج المستقبل... والعكس صحيح.

تحالف الاشتراكي وحزب الله

بعد تحالفات التيار الوطني الحر، يأتي دعم الحزب التقدمي الاشتراكي للائحة "الممانعة" في دائرة "الجنوب الثالثة" ليحل في المرتبة الثانية من حيث الغرابة في هذه الانتخابات. إذ يدعم زعيم الحزب التقديم الاشتراكي وليد جنبلاط "لائحة الأمل والوفاء" التي تضم تحالف حركة أمل، حزب الله، حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي، وذلك بتوافق ما بين جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري على دعم مرشح الأخير عن المقعد الدرزي في حاصبيا، وهو أنور الخليل. وتضم اللائحة 11 مرشحاً بينهم: محمد رعد، علي فياض، حسن فضل الله. (حزب الله).

وأعلن النائب الاشتراكي غازي العريضي في احتفال أقيم في منطقة حاصبيا في مطلع نيسان/إبريل، "إننا في الحزب، وفي هذه المنطقة، مع النائب الخليل، في موقف واحد وكلمة واحدة وموقع واحد على اللائحة التي شكلت لخوض المعركة الانتخابية"...

بعيداً عن المواقف المتضادة، والتشنج الدائم ما بين الاشتراكي من جهة وحزب الله والبعث من جهة أخرى، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في عام 2005، فلنكتشف الاختلاف الصارخ في برامج الحزبين الانتخابيين في الشق السياسي تحديداً، الذي سيوضع فيه مناصرو الاشتراكي في موضع التجاهل أو التساؤل أو الاستنكار أو بالطبع القبول على مضض.

يشير التعهد الأول في برنامج حزب الله الانتخابي إلى "استمرار المقاومة بقوة وفاعلية حتى تحرير أرضنا كاملة". فيما يدعو الحزب الاشتراكي إلى "حفظ الاستقرار الداخلي عبر دعم المؤسسات العسكرية والأمنية في حفظ الأمن في الداخل وحماية الحدود ووضع استراتيجية دفاعية وطنية تقي لبنان من مخاطر وتهديدات العدو الإسرائيلي".

ويبرز التضاد أيضاً في السياسة الخارجية، حيث يتعهد حزب الله بـ "الحرص على صيانة العلاقات اللبنانية – السورية بصفتها التطبيق العملي لانتماء لبنان العربي"، في حين يفصّل الحزب الاشتراكي في مقطع كامل موقفه من "تجاهل النظام لثورة الشعب السوري"، مؤكداً انحيازه للشعب السوري...

أما في القضايا الاقتصادية والتنموية، فيتوافق الحزبان في العديد من البنود، إلا أن برنامج حزب الله يدور في فلك الشعارات والمواقف العامة، في حين يعتبر برنامج الاشتراكي أكثر تفصيلاً للتعهدات وأكثر تقدمية بطبيعة الحال. وفي حين يحصر حزب الله دور المرأة بأنه "قائم على أساس أنها النصف الآخر المربي والفعال والمؤثر في الحياة السياسية والاجتماعية والتربوية والثقافية والاقتصادية،، ويتعهد بـ "عدم التعاطي معها كملحق أو سلعة في دائرة الإعلان والدعاية"، يؤكد الحزب الاشتراكي "دعمه الكامل لقضايا المرأة، ويجدد تعهده بمواصلة العمل على إنصاف المرأة وإقرار جميع القوانين التي تعطيها حقوقها وإلغاء البنود التمييزية ما بينها وبين الرجل والعمل على إشراك المرأة فعلياً في العمل السياسي والحزبي وعلى مستوى التمثيل النيابي والوزاري والبلدي (علماً أن الحزب الاشتراكي لم يرشح أي امرأة إلى البرلمان، ولا يوجد لديه أي وزيرة في الحكومة).

فريق العمل:

 

إعداد وتنفيذ: رشا أبو زكي

الإخراج  والتنفيذ التقني: هشام حدانة

تصوير: حسين بيضون

إنفوغراف وفيديوغراف:

 تامر حسن، رولا حلبي،

معتصم الناصر ، أحمد الداوودي

انتخابات لبنان 2018

البرامج الانتخابية

والتحالفات العجيبة