استمع إلى الملخص
- استهدفت الهجمات البنية التحتية للأندية المقدسية، مثل نادي العيساوية ونادي سلوان، مما جعلها غير قادرة على تنظيم بطولات ودية، في ظل محاولات الاحتلال لفرض سيطرته الكاملة على القدس.
- تعاني الأندية من ضغوط مالية وإدارية كبيرة، ولجأت إلى حملات جمع التبرعات لمواجهة الأعباء المالية والضرائب الباهظة التي فرضتها حكومة الاحتلال.
اشتدت وطأة انتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمؤسسات الرياضية الفلسطينية في مدينة القدس، خلال حرب الإبادة المستمرة على الشعب الفلسطيني، منذ السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كجزءٍ من حملات "تهويد" المدينة؛ وإجبار أنديتها على التبعية لحكومة الاحتلال، بدلاً من التبعية للمؤسسات الفلسطينية.
وحصل "العربي الجديد" على مجموعة من البيانات، التي أصدرها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فيما يخص الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأفراد والمنشآت في القدس، والتي أكدت أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف الأندية والمنشآت الرياضية المقدسية بمجموعة من القرارات، التي تُهدد قدرتها على الاستمرار، ومن بين ذلك: "إخطار قوات الاحتلال لمقر نادي العيساوية بالهدم في التاسع عشر من فبراير/ شباط 2024، وتهديد نادي سلوان بالمصادرة في الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، واقتحام مقر نادي أبو ديس وتحويله إلى مركز اعتقال في الثالث والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول 2024".
وأكد رئيس نادي أبو ديس، أحمد بحر، في حديث خصّ به "العربي الجديد"، أن "اقتحام قوات الاحتلال مقر نادي أبو ديس في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر الماضي لم يُكن اقتحاماً أول من نوعه، إذ قامت قوات الاحتلال باقتحام مقر نادي أبو ديس، وتحويله إلى مركز اعتقال لمجموعة من المواطنين في بلدة أبو ديس، في شهر يونيو/ حزيران من العام الماضي. وفي المرة الثانية ارتفع عدد المعتقلين، ووصل إلى ثلاثين معتقلاً، وتحول مقر النادي حرفياً إلى مركز تحقيق مع الشباب المقدسي، وما رافق ذلك من تخريب لمحتويات النادي، وتكسير أبوابه الداخلية والخارجية، إذ سرق أحد الجنود قميصاً تذكارياً لنادي أياكس أمستردام الهولندي، حمل مجموعة من التوقيعات للاعبي النادي التاريخيين، وكان معلقاً على أحد الجدران الداخلية للنادي".
وأكد بحر أن الاحتلال يستهدف أندية العاصمة، بغية تحقيق مجموعة من الأهداف، مضيفاً: "يرى الاحتلال في أنديتنا نقطة انطلاق وإعداد للفئات الشابة، لذا فإنه سعى ويسعى إلى تدميرها، وتخريبها، وتغيير صورتها في عقول المواطنين، وعن تجربتنا في أبو ديس فإننا نرى أن الاحتلال حاول تغيير صورة النادي من مكان للترفيه والتفريغ النفسي وصناعة الأبطال، إلى مكانٍ يخشى الأطفال والشباب زيارته، وتخاف العائلات من فكرة الذهاب إليه لأنه قد يتحول إلى مركزٍ للاعتقال، أو التحقيق في أي لحظة".
وأشارت بيانات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى أن قوات الاحتلال هدمت مجمعاً رياضياً قيد الإنشاء لإحدى الأكاديميات الرياضية في بلدة رافات، شمال غربي القدس، في الثامن عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، إلى جانب هجومها المتكرر على ملعب الشهيد فيصل الحسيني، ومقر اللجنة الأولمبية الفلسطينية المحاذيين لمنطقة جدار الضم والتوسع العنصري في بلدة الرام، شمال مدينة القدس.
وأكد الإعلامي الرياضي الفلسطيني، ياسين الرازم، الخبير في شأن الأندية المقدسية، في تصريحات خص بها "العربي الجديد"، أن "هدف الاحتلال من استهدافه المتكرر لأندية القدس هو تدمير البنية التحية من الناحيتين الإدارية، والمالية لها؛ من أجل نزع إمكانات هذه الأندية وإفقارها، وإجبارها على اختيار التبعية لما يسميها بالمراكز الجماهيرية الاحتلالية، أو إجبارها على اللعب تحت لواء الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، وهو محاولة احتلالية لفرض أمر سيادي، وسياسي يتمثل بالتأكيد على فكرة أن القدس يجب أن تكون كلها تحت سيطرة الاحتلال، وليس تحت سيطرة الفلسطينيين".
وأضاف الرازم أن هجمات الاحتلال على الأندية المقدسية تضاعفت بعد السابع من شهر أكتوبر من عام 2023، حتى وصل الحال بأندية القدس إلى عدم قدرتها على تنظيم "بطولة ودية واحدة تضم أربعة أندية؛ لأنها باتت تخشى عواقب ذلك ونتائجه".
وعاشت الأندية المقدسية ظروفاً صعبة تاريخياً، من أجل الاحتفاظ بهويتها الفلسطينية، رغم خضوعها لقوانين حكومة الاحتلال الإسرائيلي، إذ يتركز نشاطها في مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، أو شبه الكاملة.
وهددت قوات الاحتلال الإسرائيلي، نادي هلال القدس، الذي يتخذ من البلدة القديمة في مدينة القدس مقراً له- بالإغلاق، في نهاية شهر مارس عام 2022، واعتقلت رئيس نادي سلوان مطلع شهر أغسطس/ آب 2023، وسلمته رسالة مفادها: "يُمنع عليكم إقامة حفلٍ للطلبة الناجحين في مقر النادي الواقع جنوب مدينة القدس".
وعبر رئيس نادي أبو ديس أحمد بحر، في حديثه مع "العربي الجديد"، عن تضامنه مع رئيس نادي سلوان، أحمد الغول، واصفاً استهدافه بالمحاولة الجديدة- القديمة لاستهداف الأندية المقدسية، مضيفاً: "الاحتلال يستهدف أندية القدس بشكل أكبر من غيرها؛ لأن القدس نفسها مستهدفة أكثر من غيرها كذلك. وفيما يخص اعتقال الغول، فإن الاحتلال استخدم سياسة الاعتقال أو التهديد بالاعتقال كثيراً مع رؤساء أندية حاليين أو سابقين في مدينة القدس، لثنيهم عن أداء أدوارهم الوطنية والنضالية داخل الأندية، بالإضافة إلى محاربة الأندية مادياً، مثلما جرى مع نادي سلوان مؤخراً، إذ أثقلت بلدية الاحتلال كاهل النادي بمبالغ ضريبية كبيرة، كاد معها يفقد مقره التاريخي، ووجوده في العموم".
ونظم نادي سلوان الملقب بعميد الأندية المقدسية حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل جمع التبرعات لتسديد مبالغ طائلة تطالبه بها حكومة الاحتلال، التي تدعي أن هذه المبالغ تراكمت على النادي لصالح دائرة ضريبة الأملاك التابعة لحكومة الاحتلال، وتصل إلى نحو 200 ألف دولار أميركي.