لبنان: إنقاذ أكثر من 20 شخصاً علقوا في مقصورات "تلفريك" وسط هلع كبير
احتُجز أكثر من 20 شخصاً، اليوم الخميس، في مقصورات "تلفريك" فوق حرج في منطقة كسروان، إلى الشمال من بيروت، وهم يتوجّهون إلى مزار سيدة لبنان في حريصا.
وقد أتى ذلك نتيجة عطل تقني مفاجئ، أدّى إلى اصطدام مقصورتَين، وبالتالي توقّف حركة كلّ المقصورات صعوداً ونزولاً، الأمر الذي اضطر الدفاع المدني والجيش اللبناني إلى التدخّل لإنقاذ الركاب العالقين، ومن بينهم عدد كبير من الأطفال.
وعلى مدى ساعات، استمرّت عمليات الإنقاذ من المقصورات المعلّقة في الهواء على علوّ قُدّر بنحو 23 متراً بحسب بعض المعطيات، وسط ظروف وُصفت بأنّها "صعبة جداً"، فكانت بالتالي استعانة بالفوج المجوقل التابع للجيش اللبناني ومروحيّاته للوصول إلى ركاب تلك المقصورات وسحبهم منها.
وبعد الانتهاء من عمليات الإنقاذ، عصر اليوم الخميس، أعلن الدفاع المدني أنّ عناصره تمكّنوا، بعد تزوّدهم بسلّم آلي، من إتمام تلك العمليات بالتنسيق مع وحدات الجيش المنتشرة، من دون أن يشير إلى أيّ إصابات في صفوف المواطنين العالقين الذين أُنقذوا جميعاً، والذين تأكّد عناصر الصليب الأحمر اللبناني كذلك من سلامتهم.
وكان لبنان قد ضجّ بخبر الحادثة، مع انتشار تسجيلات فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ظهر في خلالها الهلع واضحاً بين الركاب المعلّقين في الهواء. كذلك نُشرت صور تُظهر المقصورتَين المصطدمتَين، الأمر الذي ساهم أكثر في زيادة الهلع لدى المواطنين الذين علقوا في الهواء لساعات.
في هذا الإطار، استنكر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إهمال السلطات المعنيّة صيانة مقصورات التلفريك، خصوصاً في هذه الفترة التي يشهد فيها لبنان حركة سياحة نشطة في موسم الأعياد، علماً أنّها ليست المرّة الأولى التي تطرأ فيها أعطال على التلفريك.
وقد اطّلع وزير السياحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، على سير عمليات إنقاذ العالقين في التلفريك، وجال في المكان. وقال قبل انتهاء عمليات الإنقاذ: "علينا التركيز على موضوع السلامة العامة، ورفع معنويات العالقين، فندعوهم إلى عدم الخوف لأنّ ثمّة من يهتمّ لأمرهم"، مشيراً إلى الدفاع المدني والجيش اللبناني والصليب الأحمر والأهالي. وأكد أنّ "الجميع حاضر لتأمين السلامة العامة"، في انتظار خروج العالقين بخير.
حادثة لن تمرّ مرور الكرام في لبنان
ولفت نصار إلى "موضوع آخر هو المحاسبة"، مشدّداً على أنّه "لا بدّ من أن يدرك المواطن والتقني والمهندس وصاحب الامتياز في لبنان أنّ من الممنوع وقوع أيّ خطأ، علماً أنّ ثمّة مشكلات ميكانيكية أو تقنية أو كهربائية قد تطرأ". وأضاف: "لا أذكر متى كانت المرّة الأخيرة التي وقع فيها عطل في التلفريك، لكن عندما تحدث أعطال في غياب المواطنين، لا أحد يعلم بذلك، ولا حتى الإعلام".
وتابع وزير السياحة اللبناني أنّ "التلفريك امتياز تابع لوزارة الطاقة والمياه اللبنانية، تحديداً المديرية العامة للاستثمار فيها. وقد انتهت صلاحية الامتياز في نهاية عام 2022، فتقدّمت بكتاب إلى وزارة الطاقة والمياه سألت فيه عن سبب تسليمها هذا الامتياز بدلاً من وزارة السياحة". وأكمل نصار أنّ "هذا الامتياز مثله مثل امتياز التليسياج (المصعد الجبلي لنقل المتزلّجين)، ولا يختلف عنه بشيء ميكانيكياً"، متحدّثاً عن "صيانة دورية وتقارير وشركات عالمية تدقّق في أعمال الصيانة".
وأردف نصار أنّ "الوقت الآن ليس للحديث عن هذا الموضوع، فتركيزنا ينصبّ على خروج العالقين بسلامة، والمحاسبة تأتي لاحقاً بعد التدقيق في الموضوع"، مشدّداً بقوله: "سوف نذهب بها حتى النهاية".
ضربات عديدة للسياحة في لبنان
بالنسبة إلى نصار، فإنّ "السياحة تتعرّض لضربات كثيرة"، مشيراً إلى الحرب الإسرائيلية على غزة، وكذلك الحوادث المماثلة لما جرى اليوم. ودعا إلى أنّ "علينا أن نكون أكثر وعياً في هذا الإطار"، طالباً من "الإعلام، ولا سيّما المرئي والمسموع، التخفيف من السلبيات والتركيز على ما هو إيجابي". ووصف نصار عناصر الدفاع المدني والجيش اللبناني الذين كانوا ينفّذون عمليات الإنقاذ بأنّهم "أبطالنا".
وإذ أشار نصار إلى أنّه تلقّى اتصالاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الموجود في خارج البلاد، أكّد أنّ الأمر لن يقتصر على المحاسبة، بل "سوف يذهب أبعد من ذلك". وشرح أنّ "من بين العالقين امرأة حاملاً وأشخاصاً كباراً في السنّ وأطفالاً، وهؤلاء سوف يحتاجون إلى متابعة نفسية"، إذ كانوا معلّقين في الهواء ولا يعرفون ما الذي سوف يحلّ بهم.