ذلك السؤال الباقي

12 ابريل 2025
حافلة عين الرمانة بعد مجزرة تعرض لها ركابها الفلسطينييون (13/4/1975/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تذكير الحرب الأهلية اللبنانية بعد 50 عاماً يثير تساؤلات حول أسباب استمرارها 15 عاماً وتأثيرها المستمر على السياسة اللبنانية، حيث لم يتعافَ البلد تماماً بعد.
- الحرب الأهلية، التي أطلق عليها العرب "الكريهة"، تتطلب من اللبنانيين أن يتحدوا كأهل في بلدهم، بعيداً عن التدخلات الخارجية، لتحقيق وحدة وطنية حقيقية.
- يبقى سؤال الدولة اللبنانية معلقاً، حيث يتطلع المواطنون إلى دولة عادلة وقوية تضمن لهم حقوقهم في العيش الكريم والأمان، وهو تحدٍ مستمر منذ بداية الحرب.

لا نستعيد في الصحافة وقائع من الماضي، للتذكير بها فحسْب، وإنما، أيضاً، لاختبار طرائق تفكيرنا بشأنها، أو يحسُن أن نفعل هذا، ونحن نطلّ عليها على مبعدةٍ زمنيةٍ عنها. وهكذا، يجدُر أن يأخذَنا تذكّر الحرب الأهلية في لبنان، من مسافة 50 عاماً عن شراراتها الأولى، إلى زوبعةٍ من أسئلة، تتعلق بالأسباب التي جعلت تلك الحرب تستمرّ 15 عاماً، على ما يُقال في تأريخٍ ذائع، أو تمتدّ إلى أزيد عقوداً، على ما يقولُ تأريخٌ أكثر تحديقاً في أحوال لبنان منذ رصاصات "13 نيسان" وصولاً إلى استعصاءاتٍ لا تنفكّ تتكرّر، عند تخيّر كل رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة (مثلاً)، لتُذكّر بأن البلد لم يتعافَ تماماً. وأسلئة أخرى في أسبابٍ جعلتهم بلا عدٍّ أطرافَ هذه الحرب التي تناسلت حروباً، من فرط وفرتهم. ولمّا شاع قولُ من قال إن اللبنانيين، عندما انصرفوا إلى الحرب ليعثُروا في غضونها على تسويةٍ بشأن حصصهم في السلطة، لم يعرفوا قيمة لبنان نفسه، الذي اختارتْه الجغرافيا والتاريخ أن يكون متعدّداً، متنوّعاً، كبيراً في سهمه الثقافي عربياً وكونياً.
سمّى العرب الحرب، أي حرب، الكريهة. أما الحربُ الأهلية، تخصيصاً، فيكفيها اسمُها هذا، إذ يفيد بأن أهلاً تقاتلوا. ولئن غادر اللبنانيون الحرب التي توزّعوا بين أطرافها فإنهم ما زالوا مطالبين بأن يزاولوا صفتهم أهلاً في بلدهم الذي لن ينفعهم إذا لم يكن واحداً موحّداً، لهم سلطة القرار فيه، من دون خارجٍ يُمليه، يتوافقون عليه بالكيفيّة التي يمؤسسونها فيما بينهم... ليست هذه عظة، وإنما واحدةٌ من خلاصاتٍ غزيرةٍ تنتهي إليها أي قراءةٍ بصيرةٍ في حروب الخمسين عاماً. ببساطةٍ، لأن الحرب ليست التي حسمت التفاهمات التي قامت، ثم استقرّت (أو يُؤمل أنها استقرّت؟). ليبقى سؤال الدولة مُشرعاً، متى تنهض عادلةً، قويةً ما أمكن، استردّ المواطن اللبناني انتسابَه إليها، وأحرز فيها حقوقه في عيشٍ كريم وفي أمان. كان سؤال الدولة هذا مُشهراً لمّا لعلعت تلك الرصاصات قبل 50 عاماً، وخاض فيه زعماء طوائف ومليشياويون وسرّاقٌ وخونة، وأيضاً مناضلون وشرفاء ونظيفون وزاهدون... كأنه ما زال سؤالاً معلقاً.

المساهمون