تونس تثبت الإنفاق على الصحة والتعليم

29 نوفمبر 2024
تلاميذ في تونس (ياسين محجوب/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- قررت الحكومة التونسية تثبيت الإنفاق على الصحة والتعليم لعام 2024، مع تخصيص 8 مليارات دينار للتربية و4 مليارات للصحة، مما أثار انتقادات بسبب تراجع جودة الخدمات.
- يواجه قطاع الصحة تحديات مثل نقص الكوادر والميزانية، مما أدى إلى تردي الخدمات وإعلان نية الإضراب العام، وفقاً لتقرير منظمة البوصلة 2023.
- يشدد الخبراء على ضرورة زيادة الإنفاق وتحسين الإدارة لضمان وصول الفقراء للخدمات الأساسية، مطالبين بمراجعة السياسات وزيادة المخصصات للبنية التحتية.

ثبّتت تونس الإنفاق على الصحة والتعليم للعام المقبل، رغم مطالب ملحة من الهياكل المهنية بدعم القطاعين الذين يشهدان تراجعاً على مستوى الخدمات ناجماً عن نقص الإمكانات المادية والبشرية. ودأبت البلاد على التعامل مع قطاعي الصحة والتعليم على أنّه واجب محمول على كاهلها لاعتبارات سياسية واجتماعية. إلا أن الأرقام التي تضمنها قانون الموازنة للعام المقبل لم تكشف عن زيادة مخصصات وزارتي التربية والصحة اللتين تقدمان الخدمات لملايين المواطنين.

وبلغت الاعتمادات المقترحة لمهمة وزارة التربية للعام المقبل ثمانية مليارات دينار (حوالي 2,58 مليار دولار) في مقابل 7,9 مليارات دينار (2,54 مليار دولار) للعام 2024. وقال وزير التربية نور الدين النوري، أمام البرلمان، الأسبوع الماضي: "رغم أهمية الاعتمادات المقترحة لقطاع التربية وما تمثله مقارنة بإجمالية ميزانية الدولة، فإن جزءاً مهماً منها موجه للتأجير وجزءاً آخر للتنمية". وتبلغ ميزانية وزارة الصحة للسنة المقبلة أربعة مليارات دينار (نحو 1,3 مليار دولار) بزيادة لا تتخطى 70 مليون دينار مقارنة مع ميزانية الوزارة خلال عام 2024. وتمثل زيادة الانفاق على الصحة والتعليم أحد المطالب الأساسية للهيئات المهنية في القطاعين، ومنظمات المجتمع المدني التي تطالب بتحسين الخدمات العامة الأساسية التي سجلت تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية، أدى إلى تقلص حقوق الطبقات المتوسطة والضعيفة في الوصول إلى خدمات ذات مستوى جيد.

وفي 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلن أعضاء الهيئة الإدارية القطاعية للصحة نيتهم إعلان إضراب عام للصحة من دون تحديد تاريخه. وقالت جامعة الصحة، في بيان، إن التلويح بالإضراب مرده "تهميش القطاع من خلال النقص الفادح في الإطار لمختلف التخصصات، وضعف في الميزانية واهتراء البنية التحتية للمؤسسات الصحية وغياب الأدوية، ما أدى إلى الاكتظاظ وتردي الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين وعجز الخطوط الصحية عن تقديم وظائفها".

ويؤكد تقرير أعدته منظمة البوصلة عام 2023 أن نظام الرعاية الصحية الحكومي يعاني أيضاً من نقص في الموارد المادية، مثل أسرة المستشفيات والمعدات الطبية الثقيلة وغيرها من الضروريات مثل معدات الحماية الشخصية. ويبرز التقرير نفسه الركود الذي عرفته البنية التحتية الصحية في تونس منذ عام 2011، والتي إما تراجعت في بعض الجوانب، أو ظلت تراوح مكانها في أخرى.

وبين عامي 2000 و2018، رفعت تونس نسبة إنفاقها على الصحة من 5.05% إلى 7.29% من الناتج المحلي الإجمالي. وتُرجم رفع معدل الإنفاق في تحسّن مؤشر جودة الخدمات الصحية وفق معهد القياسات الصحية والتقييم من 55.9 نقطة إلى 68.1 خلال الفترة نفسها. كذلك، غالبا ما تنتقد نقابات التعليم الأساسي والثانوي تأثيرات نقص الموارد المادية على جودة العملية التربوية وظروف العمل في مؤسسات التدريس.

ويقول رئيس جمعية جودة التعليم سليم قاسم إن "زيادة الإنفاق على التعليم أمر مهم باعتباره خدمة أساسية تحقق السير الأمثل لعملية التربية بكامل مكوناتها"، مشيراً إلى أن "الزيادة الآلية في ميزانية وزارة التربية قد لا تحقق الأهداف المروجة إذا لم يكن مشفوعاً برؤية وحوكمة جيدة في التصرف في الموارد". ويؤكد لـ"العربي الجديد" أن "وضع الإمكانات المالية اللازمة مهم جداً في تحسين البنى التحتية وتكوين المدرسين وتوفير الظروف الملائمة لعملهم".

ويرى أنه "في ظل تثبيت مخصصات وزارة التربية، يمكن العمل على حسن التصرف في الموارد المتاحة لضمان عملية تربوية جيدة من حيث النتائج والمكتسبات التي تحقق للطلاب". وينتقد المتحدث الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر "ضعف المخصصات للخدمات التي يحتاجها التونسيون، ولا سيما الصحة والتعليم والنقل، بسبب السياسات التقشفية". ويوضح أن "التقشف في مخصصات الصحة والتعليم ينعكس على قدرة الفقراء أساساً على النفاذ إلى الخدمات الأساسية، ويكرّس التمييز بين الطبقات الاجتماعية"، كما يقول لـ"العربي الجديد" .

ويشدد بن عمر على "ضرورة مراجعة سياسات الإنفاق على القطاعات ذات الطابع الخدماتي ومضاعفة المخصصات الموجهة للاستثمار، دفاعاً عن حق التونسيين في خدمات صحية وتعليمية جيدة في القطاع الحكومي كما ينص دستور البلاد".

المساهمون