العودة إلى سورية... عوائق كثيرة تغلب الحنين

إدلب

عامر السيد علي

avata
عامر السيد علي
06 فبراير 2025
الطريق إلى الديار.. عقبات تمنع النازحين من العودة
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني النازحون السوريون من صعوبات في العودة بسبب الدمار الواسع وغياب الخدمات الأساسية في مناطق مثل ريف حمص الجنوبي وريف حماة، حيث تتجاوز نسبة الدمار 80%.

- يروي النازحون تجاربهم مع التهجير، مثل نقص الخدمات الأساسية وصعوبة التنقل، لكن الأمل في العودة يظل قائماً رغم انتظار تحسن الأوضاع الأمنية والمعيشية.

- تأقلم النازحون مع حياة التهجير في المخيمات أو دول أخرى، ويواجهون تحديات مالية كبيرة، لكن الأمل في إعادة الإعمار وتحسن الأوضاع يدفعهم للعودة مستقبلاً.

من أبرز العوائق التي تمنع عودة النازحين السوريين إلى مناطقهم غياب الخدمات، والدمار الذي لحق بالمنازل، تحديداً في المناطق التي شهدت دماراً واسعاً

للمرة الأولى منذ نحو عشر سنوات يتجول محمد إسماعيل في شوارع مدينة سرمدا شمال غربى سورية، بعدما عاد من تركيا. وهو قرر الإقامة مؤقتاً في سرمدا حتى تتحسّن الأوضاع في مدينة حمص التي يخطط للاستقرار فيها مستقبلاً.
يلاحظ إسماعيل أن الشوارع مزدحمة خلال النهار، وأن عبور الطريق ليس سهلاً، ويقول لـ"العربي الجديد": "أسير فقط في الشارع الرئيسي كي أحفظ طريق العودة إلى المنزل الذي أقيم فيه حالياً حين أخرج لجلب بعض الاحتياجات. أحنّ إلى حمص، لكن عودتي إليها ليست قريبة إذ لا أملك منزلاً فيها، ولا تزال الخدمات سيئة. الآن لا يشجعني أي من أصدقائي على العودة، ويقول لي الجميع أن أبقى في سرمدا حتى تتحسّن الظروف الأمنية والمعيشية في حمص".
يتابع: "تغيّرت سورية كثيراً بالنسبة لي، خصوصاً سرمدا، لكنني أحاول أن أتأقلم مع الوضع. في تركيا كنت أعيش في بيئة خدماتية أفضل، لكن لا بدّ أن أعود. أكثر ما أكرهه هو التنقل، خاصة مع اضطراري إلى فعل ذلك برفقة زوجتي وأولادي، وهذا مرهق جداً، حتى أنني أخشى الانتقال إلى حمص علماً أنني جلبت أثاثاً كثيراً من تركيا، والذي جهّزته لسنوات. لطالما خشيت ألا أعود إلى سورية، وعشت في تركيا كأنني لن أعود، لكن مع أول فرصة سنحت لي، زالت هذه القناعة".
ويقول مؤمن الشيخ، المهجَّر من حمص، لـ"العربي الجديد": "لديّ ثلاثة أشقاء وهم مصابون بشلل رباعي ويعيشون مع والدتي، وقد تهجَّرنا إلى إدلب قبل تسع سنوات". يتابع: "أكرمنا الله بالنصر وعُدنا لرؤية منزلنا في حمص، لكن حالته سيئة وغير قابلة للسكن، إذ لم يبقَ فيه سوى السقف والجدران. الخدمات هناك معدومة مقارنة بإدلب، لا سيما الكهرباء التي تُعدّ أساسية لشحن الكرسي المتحرك الذي أعمل عليه لكسب لقمة العيش عبر بيع المحارم أو غيرها. رغم ذلك، أنوي العودة إلى بيتنا في حمص خلال الصيف القادم إذ صبرت سنوات من أجل النصر والعودة إلى الديار".
ويقول علي الداوود، وهو مهجَّر من قرية إنقراتي بمنطقة سراقب في ريف إدلب الجنوبي، ويسكن حالياً في المخيم الأزرق قرب مدينة معرة مصرين، لـ"العربي الجديد: "منزلي في القرية مهدَّم مثل منازل كثيرة، ونحتاج إلى إعادة إعمار وتمويل، لذا آمل أن تتبنى منظمة هذه العملية. الكهرباء غير متوفرة وتحتاج آبار المياه إلى ترميم، لكن ذلك ليس مشكلة إذا توفر البناء".

يضيف: "أتحدث عن نفسي وعن جميع سكان المخيمات، فنحن غير قادرين على بناء منازلنا، أما العمل فليس عائقاً بالنسبة لي لأنني أملك دكاناً صغيراً في المخيم يمكن أن أنقله إذا توفر المكان المناسب".
بدوره، يقول حمزة الجوجة لـ"العربي الجديد": "بعد تحرير سورية لم يعد معظم المهجَّرين إلى ديارهم بسبب الدمار وقلّة الخدمات في مدينة حمص. أيضاً يلتزم كثيرون بأعمالهم ومدارس أطفالهم. شخصياً أعمل في وظيفة هنا، لكنني أزور مدينتي كل بضعة أيام تمهيداً للانتقال والاستقرار".

لا يبحث السوريون إلا عن الراحة بعد سنوات الحرب، 30 يناير 2025 (العربي الجديد)
لا يبحث السوريون إلا عن الراحة بعد سنوات الحرب، 30 يناير 2025 (العربي الجديد)

أما حاتم أبو الشعر فيقول لـ"العربي الجديد": "هُجِّرنا من حمص حين كان عمري تسعة عشر عاماً. خلال السنوات الثماني التي قضيتها هنا كوّنتُ أسرة وعملاً لكنني لا أملك منزلًا في حمص، وما يمنعني من العودة هو ارتفاع قيمة الإيجارات التي يبلغ متوسطها 300 دولار، وقد تصل إلى أرقام أعلى بكثير. لا أستطيع أن أدفع هذا المبلغ خصوصاً أن معظم أصحاب البيوت يطلبون بدل إيجار لستة أشهر أو عام كامل مقدماً. إلى جانب ذلك عملي هنا جيد، ولا أستطيع تركه حالياً".
ومن أبرز العوائق التي تمنع عودة النازحين إلى مناطقهم غياب الخدمات والبنى التحتية المتهالكة، والدمار الذي لحق بالمنازل، تحديداً في المناطق التي شهدت دماراً واسعاً، كما الحال في مناطق ريف حمص الجنوبي، منها القصير، وأحياء في المدينة وقرى وبلدات في ريف حماة الغربي وريف حماة الشمالي، منها اللطامنة وكفرزيتا وكفرنبودة.
ويترقب سوريون كثيرون إعادة إعمار هذه المناطق التي تتجاوز نسبة الدمار في بعضها 80%، كما يوضح أكرم خليل، المتحدر من مدينة كفرنبودة شمال حماة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، ويقول: "لا منازل في البلدة التي تحوّلت إلى أطلال، وبالتالي لا عودة حالياً. أقمت في المخيم ثم بنيت منزلاً صغيراً، وفي حال لم يتوفر مسكن لن أعود إلى منطقتي قريباً".

يضيف: "تأقلمنا مع حياة التهجير والنزوح خلال السنوات الماضية، ولم نعد نبحث إلا عن الراحة. إلى حدّ ما الحياة مقبولة في منطقة أطمة، وأرغب في العودة لكن الواقع السيئ يمنع ذلك. يمكن أن نتأقلم من دون كهرباء أو خدمات أخرى، لكننا نريد توفير مدارس للأطفال وبنى تحتية مثل مستوصف".
ويقول محمد كريكر الذي يعيش في ليبيا لـ"العربي الجديد": "أعيش في مدينة سرت بليبيا، وأرغب في العودة إلى سورية، لكن الوضع صعب. تبلغ تكلفة تذكرة الطائرة 650 دولاراً. أمضيت 13 عاماً في ليبيا، وتتطلب عودتي أن أدفع مبلغاً ضخماً. بالنسبة إلى الأطفال، تقل تكلفة التذكرة نحو 100 دولار، لكن الوضع يبقى صعباً جداً. نحن في حالة جيدة، لكننا لا نملك المال الكافي لتغطية تكاليف العودة. بعت سيارتي على أمل أن أعيد زوجتي وأطفالي، لكنني لم أستطع بسبب ارتفاع الأجور. أمي وأبي وزوجتي وثلاث بنات يعيشون معي هنا. كنت معتقلًا في سورية عام 2012، ثم غادرت إلى مصر لتلقي العلاج هناك، بعدها وصلت إلى ليبيا ونقلت عائلتي".

ذات صلة

الصورة
احتفالات في دمشق في ذكرى الثورة السورية، 15 مارس 2025 (عامر السيد علي/العربي الجديد)

سياسة

شهدت المدن السورية، اليوم السبت، حشوداً غفيرة لعشرات الآلاف من السوريين الذين احتشدوا في الساحات احتفاءً بالذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة السورية.
الصورة
حي الخالدية في حمص، 10 فبراير 2025 (لؤي بشارة/فرانس برس)

سياسة

في ذكراها الـ14 تبدو الثورة السورية أمام تحديات ما بعد الانتصار في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عبر إسقاط نظام الأسد، خصوصاً المحافظة على السلم الأهلي.
الصورة
الشرع ومظلوم عبدي يوقعان اتفاق قسد / دمشق 10 مارس 2025 (إكس)

سياسة

أعلنت الرئاسة السورية، اليوم الاثنين، عن توقيع اتفاق يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن مؤسسات الدولة السورية، وتأكيد وحدة الأراضي السورية.
الصورة
الأمن السوري في اللاذقية، 7 مارس 2025 (العربي الجديد)

سياسة

وسط تصاعد التوتر الأمني في مدينة اللاذقية ومناطق الساحل السوري، رصد "العربي الجديد" شهادات من السكان والمسؤولين حول المواجهات الجارية مع فلول النظام السابق
المساهمون