رفضت مراكز طبية فلسطينية رسمية التعامل مع مقاوم ومطارد من الاحتلال الإسرائيلي كان قد أصيب، مساء أمس الاثنين، برصاص الأجهزة الأمنية الفلسطينية بعد إطلاق الرصاص على مجموعة من عناصر "كتيبة طوباس" التابعة لسرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي. وضمن إجراءات جديدة، فإن مصادر أكدت لـ"العربي الجديد" أن سيارات إسعاف أصبحت ترافق الأمن الفلسطيني خلال ملاحقة المقاومين من أجل نقل المطاردين المصابين الذين يعتقلهم الأمن الفلسطيني أو من يتم قتلهم عبر الملاحقة.
وكشف مصدر قيادي في "كتيبة طوباس" خلال حديث مع "العربي الجديد"، عن تفاصيل ملاحقة الأجهزة الأمنية خمسة أفراد من الكتيبة مساء أمس الاثنين، وإصابة اثنين منهم بالرصاص واعتقال أحدهم، وتهديد آخرين بالقتل والاغتيال، في مدينة طوباس شمال شرقي الضفة الغربية. وبحسب مصادر محلّية تحدثت لـ"لعربي الجديد"، ومقاطع مصوّرة وثّقت الحدث، فإن ملثّمين بلباس مدني ترجلوا من مركبتين في منطقة مفترق تياسير شرقي طوباس وهاجموا عدداً من الشبّان قرب بسطة وسط الطريق، ثم أطلقوا النار عليهم مباشرة فيما فرّ الشبّان بشكل متفرق من المكان.
واندلعت اشتباكات مسلّحة عقب الحادثة بين أفراد كتيبة طوباس في مخيّم الفارعة (جنوباً)، وفي مدينة طوباس قرب مقرّ أجهزة الشرطة، وأشعل عشرات الشبّان الإطارات المطاطية وأغلقوا طرقاً أمام تحركات الأجهزة الأمنية، واستمرت الأحداث حتى ساعات فجر اليوم.
وبحسب المصدر القيادي في كتيبة طوباس الذي فضّل عدم ذكر اسمه، فإن الشبان الملاحقين خمسة، وأبرزهم أحمد أبو العايدة، وأيمن المصري، وحسون أبو جبل، حيث كانوا يستقلون مركبتين قرب مفرق تياسير وفجأة هاجمهم أفراد الأجهزة الأمنية بلباس مدني، وأطلقوا النار عليهم مباشرة، ولاحقوهم "بهدف الاعتقال، أو الاغتيال لأن كمّية الرصاص التي استهدفت مركبتي أفراد الكتيبة لا توحي إلا بنوايا القتل المباشر كون الرصاص تركّز على الزجاج الأمامي للمركبة، وعلى مقعد السائق، وأن الملاحقة كانت تهدف للاعتقال حال فشل القتل المباشر".
وقال المصدر: "ما يؤكد هذا السياق هو أن الأجهزة الأمنية خلال الاقتحام كانت ترافقها مركبة إسعاف خاصّة، بهدف إسعاف من يتم اعتقاله وهذا ما جرى مع المطارد حسون أبو جبل الذي أصيب خلال الحادثة في قدمه". وأشار المصدر إلى أن عناصر الأجهزة الأمنية خلال الحادثة كانوا يصرخون على أفراد الكتيبة باللغة العبرية ما جعلهم يعتقدون أن الملاحقة من قوات خاصة إسرائيلية.
وقال المصدر: "تفرّقت كل مركبة لأفراد الكتيبة باتجاه مختلف عن الآخر، وكادت الأجهزة الأمنية أن تعتقل المطارد أيمن المصري، حيث أُطلق عليه الرصاص من سلاح كلاشنكوف ومسدّس، وعلى إثرها أصيب بجراح بالغة في منطقة الحوض، وترفض المراكز الطبية في طوباس التعامل معه من دون وجود الأجهزة الأمنية وبات الآن مصاباً برصاص الأجهزة الأمنية، ومطارداً من السلطة والاحتلال".
ولفت المصدر إلى أنه "منذ نحو شهر بعد العملية العسكرية الأخيرة التي نفّذها الاحتلال في شمال الضفة الغربية، حتى اليوم، تعرّضت الكتيبة لمختلف أشكال الملاحقة والتشهير والاعتداء، ولم تفلح محاولات اعتقال أحدٍ منهم، سوى في حالة اعتقال المطارد حسون أبو جبل أمس، إضافة إلى مصادرة مركبات خاصّة للكتيبة بحجّة أنها غير قانونية، رغم علم جميع أهالي طوباس بأن مركبات الكتيبة بهدف مقاومة الاحتلال، وهي معروفة للجميع".
وأوضح المصدر أن المطارد أحمد أبو العايدة من أبرز المطلوبين للاحتلال الإسرائيلي، وهو أحد أفراد الكتيبة الذين تعرّضوا للاعتقال سابقاً لدى الاحتلال والأجهزة الأمنية الفلسطينية، وتعرّض لمحاولات اغتيال عدة من الاحتلال، كان آخرها في أواخر أغسطس/آب الماضي، حين أطلق الاحتلال على مركبته صاروخاً لكنه فرّ قبل إصابة المركبة بلحظات، وأصيب بشظايا صاروخ آخر في قدمه، ولم تشفع له مواجهة الاحتلال من أن يتعرض لمحاولة اعتقال أو اغتيال من الأجهزة الأمنية أمس، وفق المصدر.
وفي أعقاب أحداث أمس، عززت الأجهزة الأمنية الفلسطينية من قوّاتها القادمة من جنين إلى طوباس، بحسب المصدر، الذي أشار إلى أن الأجهزة الأمنية منذ ساعات صباح اليوم، تنتشر في أزقة طوباس، ومفارق الطرق الرئيسية وتشرع بحملات تفتيش وبحث عن أفراد الكتيبة الذين يعتبر جميع عناصرها في دائرة المطاردة من الاحتلال الإسرائيلي. وتعتبر كتيبة طوباس من أبرز الكتائب المقاومة في مناطق شمال الضفة الغربية، وتنشط على نحو غير معلن بعيداً عن الأنظار والعروض العسكرية، فيما انطلقت وأعلنت عن بدء أعمالها العسكرية في السابع عشر من يوليو/تموز من عام 2022، وتضمّ بشكل أساسي عناصر من سرايا القدس، وكتائب القسام "الذراع العسكرية لحركة حماس".