"قافلة الصمود" المغاربية تستعد للتوجه نحو الساحل الليبي

12 يونيو 2025
ناشطون يلوّحون بالأعلام الفلسطينية والتونسية بمدينة الزاوية الليبية، 10 يونيو 2025 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- قافلة الصمود ودعم القضية الفلسطينية: انطلقت من تونس نحو غزة بمشاركة 1500 تونسي و200 جزائري، بهدف كسر الحصار وإيصال المساعدات، وتضم 15 حافلة و150 سيارة، مدعومة من منظمات ليبية ومغاربية.

- التحديات التنظيمية والدعم الدولي: تواجه القافلة تحديات في الحصول على موافقات مصرية، لكنها تحظى بدعم من حكومة بنغازي، التي تدعم القضية الفلسطينية وترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني.

- التنسيق والمشاركة المتنوعة: تضم القافلة حقوقيين وأطباء ومحامين، وتنسق مع السفارة المصرية في تونس، بمشاركة منظمات ليبية، مؤكدة على هدفها في كسر الحصار عن غزة دون التدخل في شؤون الدول.

اتصالات لتسهيل صدور الموافقة لمرور القافلة في مناطق سيطرة حفتر

تواصل قافلة الصمود الخميس سيرها الى مدينة مصراته

ناشطة في قافلة الصمود: مصرون على مواصلة طريقنا

وصلت المجموعات المشاركة في "قافلة الصمود"، ظهر اليوم الخميس، إلى مدينة مصراته (200 كلم شرق طرابلس)، استعداداً للتوجه شرقاً نحو الساحل الليبي، بعد أن قضى المشاركون ليلة أمس في مدينة زليتن المحاذية، في ضيافة منظمة حملة زليتن لدعم الأقصى. وأعلنت وزارة الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي عن ترحيبها بمبادرة قافلة الصمود، فيما شددت على ضرورة احترام الضوابط التنظيمية التي حددتها السلطات المصرية الخاصة بزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة. ووصفت الوزارة، في بيان لها اليوم الخمس، مبادرة قافلة الصمود بـ"الشجاعة"، وعبرت عن دعمها الكامل لها "لما تمثله من موقف أخلاقي وإنساني يجسد عمق الانتماء المغاربي والعربي للقضية الفلسطينية".

وأفاد المنسق في الجانب الليبي للقافلة في المنطقة الغربية، أحمد غنية، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، بأن "التنسيقية من الجانب الليبي لا تزال تنتظر موافقة وزارة الداخلية بحكومة مجلس النواب لمرور القافلة إلى مناطق شرق البلاد"، مشيراً إلى أن التنسيقية كانت أبلغت الحكومة في بنغازي بشأن مرور القافلة "منذ أيام، لكن التجاوب لا يزال يسير ببطء". وجاء القلق حيال تأخر مرور قافلة الصمود إلى مناطق سيطرة حفتر شرقي ليبيا على خلفية بيان أصدرته وزارة الخارجية المصرية، أمس الأربعاء، عبرت فيه عن الترحيب بـ"المواقف الدولية والإقليمية، الرسمية والشعبية، الداعمة للحقوق الفلسطينية، والرافضة للحصار والتجويع والانتهاكات الإسرائيلية السافرة والممنهجة بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة"، لكنها أكدت "ضرورة الحصول على موافقات مسبقة لإتمام تلك الزيارات (إلى المنطقة الحدودية مع قطاع غزة)، وأن السبيل الوحيد لمواصلة السلطات المصرية النظر في تلك الطلبات هو من خلال اتباع الضوابط التنظيمية والآلية المتبعة منذ بدء الحرب على غزة".

ودعت وزارة الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي إلى "ضرورة تحرك كافة الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، سواء الحكومية أو غير الحكومية من أجل دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل أراضيه المحتلة، وعاصمتها القدس، وفك الحصار عن غزة وكافة المدن الفلسطينية والعمل على ضمان عودة المهجرين تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة". وأكدت موقف حكومتها "الثابت والداعم للقضية الفلسطينية والمعاملة المتساوية للفلسطينيين مع المواطنين الليبيين في المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية، وقرار مجلس النواب الليبي الذي يجرم كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني".

وأفادت الناشطة التونسية المشاركة في القافلة، جواهر شنة، "العربي الجديد"، بأن المشاركين التونسيين والجزائريين والليبيين سيناقشون في مصراته التنسيق بينهم للمضي في مسار القافلة، مؤكدة أن المشاركين في القافلة "مصرون على مواصلة مشوارهم". وقالت شنة، في تصريح لـ"العربي الجديد": "لقد قطعنا حتى الآن ألف كيلومتر في طريقنا لكسر الحصار عن إخوتنا في غزة، والجميع عازم على إتمام الرحلة... بيننا حقوقيون وأطباء ومحامون وأكاديميون ونشطاء من كل الشرائح، وكل العالم يعرف رسالتنا الإنسانية التي نهدف إليها".

وأضافت شنة أن المنسقين للقافلة اتصلوا بالسفارة المصرية في العاصمة التونسية قبل التحرك في تونس، موضحة: "لقد اجتمعنا مع سعادة السفير المصري، وأبلغناه بهدفنا ورسالتنا قبل التحرك، وزودنا السفارة المصرية بكل الوثائق اللازمة، كقوائم أسماء المشاركين وجوازات سفرهم، وأرسلنا ذلك أيضاً إلى السلطات المصرية". وذكرت أن "الجانب المصري أبلغنا بالرد في وقت قريب، وانطلقت القافلة لنتسلم الموافقة من الجانب المصري في الطريق، لكننا بالأمس تابعنا بيان السلطات المصرية".

ومنذ دخول القافلة إلى الأراضي الليبية، لم تهتم وسائل الإعلام التابعة للحكومة المكلفة من مجلس النواب بأخبارها، ولم تحتف كغيرها من وسائل الإعلام الليبية بمتابعة محطات وصولها وتنقلاتها وتفاعل الليبيين الواسع معها. وبعد انطلاقها من العاصمة التونسية، دخلت القافلة يوم الثلاثاء الماضي إلى الأراضي الليبية وسط ترحيب وتفاعل ليبي واسع، ووصلت إلى مدينة الزاوية (30 كلم غرب طرابلس)، قبل أن تدخل في اليوم التالي إلى العاصمة، وتمر على ميدان الشهداء وسط المدينة، وأكملت مسيرها لتصل إلى مدينة زليتن (150 كلم شرق طرابلس) ليل البارحة.

ويشارك عدد من المنظمات الليبية في القافلة، من بينها المنظمة الوطنية للعدالة المجتمعية والتنمية، ومنظمة القدس للإغاثة والتنمية، ومنظمة القدس قضيتنا، وجمعية التراحم والتواصل الخيرية، وحملة زليتن لدعم الأقصى، وجمعية الرحمة الخيرية، ومؤسسة وفاء للإغاثة والتنمية، ومنظمة حراك نفير، حملة قاطع وقاوم، ومؤسسة الرخاء الخيرية. وتقع المنظمات الليبية المشاركة في قافلة الصمود في مناطق غرب البلاد، فيما لم تعلن مفوضية المجتمع المدني في بنغازي حتى الآن ما هي المنظمات والجهات المشاركة في الحملة.

وبخصوص الجدل حول بيان الخارجية المصرية بشأن إجراءات الدخول إلى مصر، قال أحد المشاركين في القافلة، وسام الصغير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين واللجنة المكلفة بالإعلام بصدد متابعة المسألة، ولكنهم سيواصلون مسيرتهم نحو الحدود الليبية المصرية ونحو منطقة السلوم، وهم يتفاعلون مع المستجدات، ويأملون الحصول على تصاريح الدخول إلى مصر". وأضاف: "الأجواء نضالية، تاريخية، وحميمية بطريقة لا توصف، ولا يمكن للعقل تخيّلها لأنهم لم يتصوروا ما ستلاقيه حافلة الصمود من تفاعل خاصة في ليبيا، وأن هناك وحدة مغاربية تتجسّد يومياً على الميدان، وهي تتجاوز كل ما هو نظري في علاقة الشعوب العربية ببعضها".

وقال المتحدث الرسمي باسم القافلة، وائل نوار، في تدوينة له على صفحته فيسبوك: "إن من يتصور أنه سيعود بعد قطع أكثر من ألف كيلومتر من أجل مجرد بيان فهو ساذج"، مضيفاً: "يا غزة إننا قادمون وثقتنا في الشعبين الليبي والمصري لا حدود لها، وأن إرادتهم من إرادة الشعوب وإرادة الشعوب لا تقهر". وأضاف نوار في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ المشاركين قطعوا نحو ألف كيلومتر وسيواصلون مسيرتهم إلى الحدود المصرية في انتظار حصولهم على التراخيص اللازمة للمرور، وأنهم سيتقدمون إلى آخر مكان يمكنهم الوصول إليه، مبيناً أنه إذا جرى إيقاف القافلة على الحدود المصرية "فسيمتثلون لذلك، ولكنهم لن يتوانوا عن المحاولة وبذل الجهد لحثّ السلطات المصرية على التعاون معهم". 

‎وتوجّهت الهيئة التسييرية لقافلة الصمود من أجل كسر الحصار على غزة ببيان مساء أمس، موجه إلى السلطات المصرية أكدت فيه أنّ‎ "هذه القافلة لا تحمل أيّ لون سياسي أو أيديولوجي مخصوص، بل هي قافلة شعبية مغاربية تضمّ مواطنين ومواطنات، من ضمنهم بعض الفاعلين المدنيين متنوعي الانتماءات، وهي لا تحمل أي موقف متحيز ضد النظام المصري ولا علاقة لها بالشأن الداخلي في مصر الشقيقة، وعلاقتها بالسلطات المصرية تقتصر على التواصل حول الجوانب القانونية والإدارية والأمنية المتعلقة بمسار القافلة على أراضيها، مثلها في ذلك مثل علاقتها مع السلطات الجزائرية والتونسية والليبية".‎‎

وأوضحت أنّ "الهدف الوحيد لهذه القافلة هو المساهمة في كسر الحصار الجائر على أهلنا في غزة ووقف إبادتهم، ولا تهدف فقط إلى الضغط على أي دولة من الدول التي ستمر عبرها القافلة أو إحراجها، مبينة أنها تتفق مع الموقف المصري الرافض لتهجير أهلنا في غزة نحو مصر، وتقدر حساسية الدولة المصرية تجاه سيادتها على حدودها، ولذلك بادرت القافلة ومنذ أسابيع إلى الاتصال بطرق مختلفة مع السلطات المصرية، سواء عبر سفارتها في تونس أو عبر وسطاء في القاهرة، وراسلت رسمياً وزارة الخارجية المصرية، ووضحت طبيعة وأهداف قافلة الصمود البرية".

وأكدت الهيئة المسيّرة للقافلة أنها لا تنوي دخول مصر دون موافقة السلطات والتفاهم معها حول مختلف إجراءات الدخول. وأردفت: "هذا ما جرى توضيحه سابقاً ضمن لقاء جمعهم بالسفير المصري في تونس، وأنه في حال سمحت لهم السلطات المصرية بالوصول إلى معبر رفح، فإنهم لن يحاولوا استغلال وجودهم في مصر لتوجيه خطاب ضد السلطات المصرية، بل سيكون خطابهم موجهاً حصراً ضد العدو الصهيوني الذي يبيد شعب غزة ويجوعه".

وتضم قافلة الصمود التي انطلقت من تونس 15 حافلة، و150 سيارة، في خط سير يمر بمناطق غرب البلاد، وصولاً إلى سرت ثم بنغازي، ومنها إلى معبر السلوم الحدودي المشترك بين ليبيا ومصر، ومن ثم إلى قطاع غزة، وفق ما هو مخطط. وكانت قافلة الصمود قد انطلقت من العاصمة تونس الاثنين الماضي، وعلى متنها 1500 ناشط تونسيّ، و200 جزائريّ، لكسر الحصار الإسرائيلي وإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ومنذ الساعات الأولى لفجر الاثنين، تجمّع المئات وسط العاصمة تونس من أجل توديع القافلة، ورافق موكب من السيارات حافلات النشطاء المشاركين، الموشحة بالأعلام الفلسطينية والتونسية، وسط ترديد شعارات "لبيك يا أقصى".

ومنذ أكثر من أربعة أسابيع، بدأت تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين التنظيم اللوجستي لانطلاق القافلة، وضبط قائمة المنظمين من نشطاء المجتمع المدني وسياسيين ونقابيين وكوادر طبية. وحول مشاركة الأطباء في قافلة الصمود، قال رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان، وجيه ذكار، إن عشرات الأطباء التحقوا بالقافلة وساهموا في الإعداد اللوجستي وتوفير معدات طبية وسيارة إسعاف لإدخالها إلى غزة.