ديك تشيني... رحيل مهندس غزو العراق و"سيد اللعبة الأول"

04 نوفمبر 2025   |  آخر تحديث: 19:12 (توقيت القدس)
نائب الرئيس الأميركي الأسبق ديك تشيني، نوفمبر 2025 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي الأسبق، أعاد صياغة دور نائب الرئيس ليصبح أداة قوية لفرض النفوذ، خاصة خلال فترة الرئيس جورج دبليو بوش، حيث لعب دوراً محورياً في الحرب على الإرهاب وغزو العراق باستخدام ادعاءات كاذبة حول أسلحة الدمار الشامل.

- الفيلم الوثائقي "Vice" يستعرض حياة تشيني، مقدماً إياه كمهندس رئيسي للسياسات الأميركية بعد 11 سبتمبر، حيث دافع عن سياساته المثيرة للجدل مثل التعذيب وقانون "باتريوت".

- رغم دعمه لدونالد ترامب في 2016، أصبح تشيني من معارضيه بعد اقتحام الكونغرس في 2021، وصوّت لصالح كامالا هاريس في الانتخابات الأخيرة.

مع رحيل ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي الأسبق، عن عمر يناهز 84 عامًا، قدّمه الإعلام الأميركي على أنه مهندس الحرب على الإرهاب، بينما يتذكره العالم العربي والتاريخ على أنه الرجل الذي هندس الغزو الأميركي للعراق، مستخدماً ادعاءً كاذباً بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل يجب انتزاعها، قبل أن يثبت لاحقاً، بعد تدمير البلاد ومقتل نحو مليون عراقي، عدم صحة الادعاء المعلن. كما لا يزال أثره قائماً في الحياة الأميركية بعد عمله مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية آنذاك للالتفاف على المحظورات القانونية ضد التعذيب والتجسس على المواطنين الأميركيين والمقيمين في الداخل والاحتجاز السري دون توجيه تهم.

وتناول الفيلم الوثائقي الأميركي الشهير Vice، الذي شارك النجم الشهير براد بيت في إنتاجه، حياة نائب الرئيس الأميركي ومواقفه خلال فترة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، وقدّمه على أنه "سيد اللعبة الأول" الذي يقترح بينما ينفذ الرئيس، خاصة فيما يخص قضية غزو العراق. اخترع تشيني وآخرون تلك اللحظة التي استخدمت لغزو العراق، ويكشف الوثائقي أنه كان متأكداً من عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق، لكنه كان يشبع شهيته ورغبته في التخلص من الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين، وهي الحرب التي ورّطت الشرق الأوسط في أزمات متتالية لا تزال المنطقة تعاني منها حتى اليوم.

ديك تشيني... نائب الرئيس الأقوى نفوذاً

عادةً في التاريخ الأميركي، يُنظر إلى نائب الرئيس على أنه البديل أو الرجل الثاني بلا أدوار حقيقية، غير أن تشيني، كما تصفه صحيفة واشنطن بوست، اليوم الثلاثاء، "أعاد صياغة وظيفته وحولها إلى أداة قوية لفرض النفوذ، وأصبح المهندس لحرب ما بعد الحادي عشر من سبتمبر"، والتي تضمنت تجاوز القيود المفروضة على التعذيب. بينما تصفه صحيفة نيويورك تايمز بأنه "نائب الرئيس الأقوى نفوذاً في التاريخ الأميركي، ومستشار بوش الأكثر تأثيراً في البيت الأبيض في حقبة الإرهاب والحرب والتغير الاقتصادي".

شغل تشيني منصب نائب الرئيس جورج دبليو بوش في ولايتيه بين عامي 2001 و2009، وقبل عمله في البيت الأبيض، شغل عدة مناصب رفيعة؛ فعمل رئيساً لموظفي البيت الأبيض عام 1975، ومنذ 1979 حتى 1989 كان عضواً في مجلس النواب الأميركي، وشغل ثاني أعلى منصب جمهوري في المجلس الذي كان يسيطر عليه الديمقراطيون لبضع سنوات. وفي الفترة من 1989 حتى 1993 عمل وزيرًا للدفاع الأميركي، قبل أن ينتقل إلى العمل في القطاع الخاص في مجال حقوق النفط، حيث ترأس شركة "هاليبرتون" الشهيرة في مجال خدمات حقول النفط خلال فترتي الرئيس بيل كلينتون، قبل أن يعود إلى البيت الأبيض نائبًا لجورج بوش الابن.

تقارير دولية
التحديثات الحية

وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، تولى تشيني دور المخطط الرئيسي الاستراتيجي في عملية الانتشار العسكري الشاملة في أفغانستان ثم في العراق، وهي الحرب التي كلفت الولايات المتحدة، حسب التقديرات، 6 تريليونات دولار، وأُعطي حينها لضباط ومسؤولي الاستخبارات صلاحية "استخدام أي وسيلة متاحة للعثور على الإرهابيين ومن ساندوهم وقتلهم"، كما يقول تشيني في مذكراته. ودافع في مذكراته التي نشرها عام 2011 عن الانتقادات التي وجهت إليه بسبب سياسة التعذيب، مؤكداً أنه لم يندم على التوجيه باستخدام الإيهام بالغرق في استجواب المشتبه بهم في قضايا الإرهاب، ومشدداً على أنه "يؤيد استخدام هذه التقنيات بشدة". كما دافع بشكل دائم عن دوره في غزو العراق معتبراً أنه "كان القرار الصحيح".

ولا يزال أثر تشيني قائماً فيما يخص بعض القوانين سيئة السمعة داخل البلاد؛ فبعد أسابيع قليلة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر ساهم في الإقرار السريع لقانون "باتريوت"، الذي وسّع صلاحيات الحكومة في التحقيق والمراقبة والاحتجاز لمكافحة الإرهاب، قبل أن يتضح لاحقاً أن القانون كان يُستخدم لدعم المحاكم السرية وعمليات التنصت دون أوامر قانونية، والاحتجاز غير المحدود للمشتبه بهم دون جلسات استماع أو توجيه تهم، إضافة إلى أساليب استجواب تتجاهل حظر التعذيب الذي تنص عليه اتفاقيات جنيف، ولا يزال هذا القانون سارياً حتى اليوم في أميركا.

ورغم أن تشيني دعم ترامب في عام 2016، إلا أنه أصبح من أشرس معارضيه بعد اقتحام الكونغرس الأميركي عام 2021. وفي السنوات الأخيرة، ورغم أنه معروف بمواقفه المحافظة المتشددة، لم يكن له دور سياسي في الحزب الجمهوري بعد انتقاداته الحادة للرئيس الحالي دونالد ترامب، بعد أن وصفه بأنه "أكبر تهديد في تاريخ الولايات المتحدة". كما صوّت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لصالح المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، التي خسرت أمام ترامب.