خلافات وتخوّفات إسرائيلية تعطّل إدخال عمال دروز من سورية

25 مارس 2025
دخول حافلة تقل دروزاً سوريين مجدل شمس بالجولان المحتل، 14 مارس 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس معارضة من الجيش بشأن خطته لإدخال عمال دروز من سوريا إلى مستوطنات الجولان، حيث يعارض الجيش لأسباب أمنية ويعتبرها تهديدًا لاستقرار المنطقة.
- تأتي الخلافات في سياق محاولات إسرائيل استغلال الأوضاع في سوريا، حيث أعلن كاتس نيته حماية الدروز، مما أثار انتقادات الجيش الذي يطالب بخطة واضحة قبل أي تدخل.
- زيارة وفد درزي من سوريا إلى إسرائيل أثارت انقسامًا داخل الطائفة الدرزية، حيث اعتبرها البعض أداة لزرع الانقسام.

يحول خلاف بين وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس وقيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، دون إدخال عمال دروز من سورية للعمل في دولة الاحتلال، بسبب تخوفات أمنية. وتبنّى وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل موقف الجيش وامتنع، في الوقت الراهن، عن توقيع الأوامر التي تسمح بدخول العمال، بخلاف رغبة كاتس.

وفي إطار محاولات إسرائيل استغلال الأوضاع الداخلية في سورية، والتودد إلى بعض الشرائح بنية استغلالها في زعزعة استقرار البلد الذي يحاول بناء نفسه، أعلن كاتس قبل نحو أسبوعين، أنه ينوي استقدام عمال دروز من سورية للعمل في مستوطنات مرتفعات الجولان في تاريخ 16 مارس/ آذار الجاري، إلا أن هذا لم يحدث بعد. ونقلت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الثلاثاء، عن مصادر مطّلعة على الموضوع، لم تسمّها، أن سبب تعطيل دخول العمال، يعود إلى موقف قائد قيادة المنطقة الشمالي في جيش الاحتلال الجنرال أوري غوردين. ويقول الجيش إن كاتس لم يبلغ القيادة بنيته السماح بدخول العمال في التاريخ الذي حدده.

ويوجه ضباط كبار في جيش الاحتلال انتقادات حادة لتصريحات الوزير في الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، فيما يتعلق بـ"قضايا حساسة" مرتبطة بسورية، ويعتقدون وفق ما نقلته الصحيفة، أنها قد تؤدي إلى تصعيد غير ضروري مع الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، وتهدد حياة سكان هضبة الجولان في الجانب الذي احتلته إسرائيل بعد سقوط نظام بشار الأسد، والذين يسعى الجيش لتوطيد علاقاته معهم.

وترى قيادة الجيش، وفق ذات المصادر، أن دخول العمال يجب أن يتم فقط بعد إعداد شامل والتحقق من هوية كل عامل، وإلا سيصعب كشف محاولات عناصر "معادية" استغلال دخولها إلى إسرائيل. ويقول ضباط كبار إن دخول العمال دون التحضير اللازم، قد يعرّضهم أيضاً للخطر، حيث يمكن للنظام أو "المنظمات الإرهابية" في سورية، على حد تعبيرهم، اعتبارهم متعاونين مع إسرائيل، أو استغلالهم في محاولة الحصول على معلومات منهم وتجنيدهم عند عودتهم إلى بلادهم.

كما أن الوزير أربيل، الذي طلب منه كاتس توقيع تصاريح دخول العمال، لم يتم إبلاغه مسبقاً بنيات السماح لهم بالعمل في إسرائيل، في إشارة إلى الجزء الذي تحتله منذ 1967، وعلم بذلك من منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي. وتبنّى أربيل موقف الجيش في النزاع، ووفقاً لمصادر مقربة منه، فإنه غير مستعد ليكون ختماً مطاطياً لوزير الأمن. وأصدرت وزارة الداخلية بياناً قالت فيه: "هناك حاجة لاستكمال العمل الأمني الذي يتم حالياً. بعد استكمال العمل الأمني، سيوقّع وزير الداخلية على تصاريح الدخول".

بالإضافة إلى تصريحات الوزير بشأن إدخال عمال سوريين، أعرب كاتس في الآونة الأخيرة عن استعداده للتدخل في الشؤون السورية بذريعة حماية الدروز. وقبل نحو أسبوعين، قام بجولة في الجزء الذي احتلته إسرائيل حديثاً من جبل الشيخ، رفقة نائب رئيس الأركان تامير يدعي، ولكن دون مشاركة قائد المنطقة الشمالية غوردين. وبعد الجولة، أصدر كاتس بياناً وعد فيه الدروز بأن إسرائيل "ستحمي إخوتهم في سورية من أي تهديد". ووفقاً لمصادر الصحيفة، لم يناقش كاتس الموضوع مع كبار مسؤولي الأمن مسبقاً.

وقال مصدر في المؤسسة الأمنية لـ"هآرتس"، إن التزام إسرائيل بالتدخل في القتال في القرى الدرزية في منطقة دمشق أو في عمق سورية، قد تكون له تداعيات خطيرة، تصل إلى فتح جبهة إضافية، فيما لم تستعد قيادة المنطقة الشمالية للعمل في هذه المناطق. ووفقاً لمصدر أمني كبير، "عندما تقول إسرائيل رسمياً إنها ستخرج لحماية الدروز، يجب أن يكون ذلك مدعوماً بخطة عملياتية وفهم أنه إذا تحرك النظام السوري ضدهم الآن، سنرد. إذا تعرضوا للهجوم ولم تقدّم إسرائيل لهم المساعدة لأي سبب كان، فإن الضرر بمكانتها وبالردع الذي حققه الجيش الإسرائيلي في الحرب سيتآكل، وقد تفهم هذه المجتمعات أن من الأفضل لها الانضمام للنظام السوري".

وفي 14 مارس/ آذار الجاري، دخل وفدٌ من سورية يضم نحو مئةِ رجل دين يمثلون الطائفة الدرزية من محافظتَي القنيطرة وريف دمشق، الأراضي المحتلة، في زيارة وُصفت بالتاريخية والدينية، تلبية لدعوة من الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل والمعروف أنه مقرب جداً من سلطات الاحتلال ويتبنّى سرديتها. وزار الوفد مقام النبي شعيب في الجليل الأدنى، وشارك بافتتاح مقرّ ديني في قرية البقيعة.

وأثارت الزيارة انقساماً في الآراء داخل الطائفة الدرزية في سورية ولبنان، إذ حذرت مشيخة العقل في لبنان، في بيان أصدرته وقتئذ، من تبعات المشاركة، مؤكدة المحاسبة الدينية على كل مخالف، فيما أصدر أهالي قرية حضر في القنيطرة السورية، بيان استنكارٍ وصفَ الزيارة بالأداة الإسرائيلية لزرع الانقسام، مؤكدين أن المشايخ الذين لبوا الدعوة "لا يمثلون إلّا أنفسهم".