استمع إلى الملخص
- اختيار ترامب لستيفن فينبرغ كنائب لوزير الدفاع يعكس توجهه نحو فريق يهيمن عليه رجال الأعمال، مما يثير قلقاً بشأن تأثير الأعمال على السياسة الدفاعية.
- فينبرغ، الذي استثمر في التكنولوجيا العسكرية، قد يواجه تضارب مصالح، مما يفتح باب النقاش حول تأثير استثماراته على دوره كنائب لوزير الدفاع.
بعد اختياره مقدم البرامج في شبكة فوكس نيوز، بيت هيغسيث، لمنصب وزير الدفاع، يواصل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، إثارة الجدل في واشنطن، بتعييناته الجديدة، واختياراته للمناصب الحسّاسة، والتي يمكن أن تثير الخلافات والتدقيق في الكونغرس، وتعزّز الهواجس من تحول المناصب التقليدية إلى مجالات ربحية للاستثمار. وينسحب ذلك على هيغسيث نفسه، الذي قد تكون الأيام المقبلة حاسمة لمعرفة صدى اختياره على رأس وزارة الدفاع (بنتاغون) في مجلس الشيوخ الذي يتمتع فيه الجمهوريون بأغلبية ضئيلة (بدأت تحوم حول هيغسيث شبهات بارتكاب اعتداءات جنسية)، وكذلك على اختياره لمنصب نائب وزير الدفاع، بعدما تداول الإعلام الأميركي خلال اليومين الماضيين، اسم الملياردير ستيفن فينبرغ للمنصب.
فينبرغ الرجل الثاني في "بنتاغون"
ويعكس اختيار فينبرغ، مجدداً، ميل ترامب لفريق عمل يهيمن عليه رجال الأعمال والمستثمرون. وفي وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) تحديداً، تشير أجندة ترامب إلى سياسة صارمة، عنوانها "تطهير" الوزارة من الموظفين "المسّيسين"، وتعزيز التسّلح، فضلاً عن مشروعه لإبعاد النساء في الجيش عن جبهات القتال. لكن أبعد من ذلك، لا يخفي متابعون قلقاً متنامياً من تأثير عالم الأعمال على فكر ترامب، ورؤية الموالين له من داخل هذا العالم، إلى الأزمات الدولية، من منطق تجاري، حيث أصبح "تلزيم" القضايا الكبرى للشركات الخاصة، أكثر تداولاً، وهو ما يمكن أن ينسحب في عهد ترامب، على ملفات عدة، من "اليوم التالي" للحرب على غزة، إلى أوكرانيا، إلى سورية، إلى أفريقيا، وإلى أكثر من مكان آخر متوتر حول العالم. وبحسب سيرة ذاتية لفينبرغ، نشرت في عام 2017، فهو من المتحمسين لهذا النوع من التلزيمات.
استثمرت شركة فينبرغ في مجال الصواريخ الفرط صوتية
وبحسب صحيفة واشنطن بوست، أمس، فإن ترامب قد عرض بالفعل منصب نائب وزير الدفاع على الملياردير الذي يعمل في مجال الاستثمارات، فينبرغ، بحسب أشخاص مطلعين على المسألة، وهو قرار "قد يسمح لهذا الحليف القديم لترامب بتمكين استثماراته في شركات الدفاع التي تبرم عقوداً سخية مع بنتاغون".
ويحتاج تعيين فينبرغ إلى موافقة مجلس الشيوخ. والرجل هو المدير التنفيذي المشارك لشركة "سيربيروس كابيتال ماناجمانت"، التي استثمرت في الصواريخ الفرط صوتية، والتي كانت مالكة سابقة لشركة التعهدات العسكرية الخاصة "دين كورب"، وهذه الشركة استحوذت عليها في عام 2020 شركة الدفاع "أمنتوم". وبحسب الصحيفة، فقد قاد فينبرغ خلال ولاية ترامب الأولى، مجلس الاستشارات الاستخبارية الخاص بالرئيس، والذي يقدم لساكن البيت الأبيض الاستشارة بشأن التقييمات الاستخبارية وشؤون مكافحة التجسس. ولا يدلّ اختياره، فقط على أجندة خارجية لترامب، بل داخلية تقوم على محاربة "الدولة العميقة"، الذي يستند في تنفيذها إلى محاربة البيروقراطية في واشنطن، وهي مهمة سيتعاطى معها مباشرة مرشحه لمنصب نائب وزير الدفاع، والذي من مهماته الإدارة اليومية للعمليات التي تتطلب تعاملاً مباشراً مع البيروقراطية في وزارة تضم 3 ملايين عنصر بالخدمة وموظفين مدنيين.
وبينما أثارت تسمية هيغسيث وزيراً للدفاع من قبل ترامب حفيظة بعض الجمهوريين الذين لا يجدون أن الأخير يتمتع بالخبرة اللازمة لشغل المنصب، يثير اختيار فينبرغ أيضاً حفيظة الديمقراطيين، الذين يشيرون إلى "تضارب في المصالح"، مع إمكانية تولي رجل أعمال للمنصب رقم 2 في البنتاغون.
ورأى مايكل أوهانلون، وهو خبير عسكري في معهد بروكينغز، رغم ذلك، في حديث للصحيفة، أن اختيار فينبرغ قد يخفف من قلق المؤسسة العسكرية بشأن ما إذا كان نائب الوزير المقبل، قد يميل كثيراً لصالح وداي السيليكون، في إشارة إلى عالم التكنولوجيا الأميركي (كاليفورنيا)، لاسيما بعدما نمت سريعاً حصة الشركات التكنولوجية المبتدئة لصناعة المسيّرات والمتخصصة في الذكاء الاصطناعي، في سوق الدفاع، التي كانت تهيمن عليها تاريخياً شركات تصنيع السلاح التقليدية.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد أشارت سابقاً إلى أن ترامب يبحث تعيين تراي ستيفنز، وهو مستثمر مغامر شارك في تأسيس شركة "أندوريل" الناشئة المتخصصة بالبرامج الدفاعية المتقدمة ذاتية القيادة. وكانت بعض استثمارات فينبرغ ركّزت على مشاريع سجّلت فيها الـ"بنتاغون" تراجعاً بالتصنيع أمام الصين وروسيا، مثل إنتاج الصواريخ فرط صوتية، حيث شاركت "سيربيروس" في اختبارات بهذا المجال.
شجّع فينبرغ ترامب على اعتماد التلزيمات العسكرية الخاصة
والشركة بحسب سيرة ذاتية قديمة لفينبرغ، نشرتها مجلة نيويوركر في 2017، مهتمة بمجال الأسهم الخاصة، وصناديق التحوط، والعقارات، والديون المتعثرة. ووصفت المجلة، نقلاً عن معارف الرجل والعاملين معه، فينبرغ، بأنه يتمتع بالذكاء التحليلي العميق، ولديه براعة في عالم الاستثمارات. وحينها، في ذلك العام، نقلت المجلة مخاوف العاملين في مجال التجسس، من شغل فينبرغ منصباً حسّاساً في إدارة ترامب الأولى، بسبب افتقاده للخبرة في عالم الاستخبارات، وحينها أيضاً كان الإعلام الأميركي قد تحدث عن تواصل فريق ترامب السابق، مع إريك برنس، مؤسس شركة بلاكووتر للمرتزقة العسكريين، لبحث إمكانية العمل معه.
وسلّطت "نيويوركر" الضوء على عمل فينبرغ مع "دين كورب"، التي أدارت أحد أكبر التعهدات العسكرية الأميركية في العالم، وذلك في أفغانستان، مع تدريبها قوات الشرطة الأفغانية ومساهمتها العسكرية في محاربة تهريب المخدرات، لافتة إلى أن فينبرغ يشّجع على توسيع هذا النوع من الاستثمارات، فضلاً عن أنه نصح ترامب بنقل العسكري إلى وكالة الاستخبارات المركزية سي آي إيه، وهو أمر عارضه وزير دفاع ترامب الأول، الجنرال جايمس ماتيس.
وبحسب موقع "بوليتيكو"، أمس، فمن خلال "سيربيروس"، أطلق فينبرغ هذا العام شركة "سيربيروس فانتشور وان"، المتخصصة بالاستثمار بمجال التكنولوجيا العسكرية، ما يعني أنه قد يواجه معضلة إذا ما تسلم المنصب، لاسيما أنه سيكون معنياً بمسألة ميزانية الدفاع والتطوير التكنولوجي الخاص بالبنتاغون. وإذا ما تمّ الإعلان عن اختياره رسمياً للمنصب، فإنه ينضم إلى لائحة أسماء اختارها ترامب لإدارته وتفتح سجال تضارب المصالح. ومن هؤلاء، اختياره للملياردير سكوت بيسينت وزيرا للخزانة، والناشطة في أحد لوبيات الضغط الجمهورية، بام بوندي، وزيرة للعدل، والملياردير إيلون ماسك، لإدارة وزارة كفاءة الحكومة.