استمع إلى الملخص
- استخدمت القوات العنف ضد السكان، مما أدى إلى تدمير المنازل وفرض حصار كامل، نتج عنه نقص في المياه والمواد الغذائية ومنع دخول الأدوية وحليب الأطفال.
- بدأت الجهات المختصة بإعادة تأهيل البنية التحتية بعد الانسحاب، لكن حجم الدمار يجعل المهمة صعبة، مع استمرار انقطاع المياه عن المخيم.
انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الأربعاء، بشكل كامل من مخيم الفارعة، جنوب طوباس، شمالي الضفة الغربية، وذلك بعد اقتحام استمر 12 يوماً وخلف دماراً واسعاً في البنية التحتية ومعاناة إنسانية شديدة للأهالي بسبب الحصار الذي فرض على المخيم.
وقال باسل منصور، عضو لجنة طوارئ مخيم الفارعة، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الاحتلال دمرت منذ اليوم الأول للعدوان الشوارع والبنية التحتية بشكل كبير، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن معظم أنحاء المخيم، والمياه بشكل كامل، وتعطل شبكات الاتصالات والإنترنت، وهو ما فاقم معاناة الأهالي. وأشار منصور إلى أن قوات الاحتلال سيطرت منذ بدء الاقتحام على 25 منزلاً في المخيم، وحولتها إلى ثكنات عسكرية ومراكز للتحقيق الميداني، حيث أجبرت أصحابها على مغادرتها بالقوة والعنف، ما اضطرهم للانتقال إلى منازل أقاربهم، كما تمركز القناصة داخل هذه المنازل.
وبحسب منصور، استخدمت قوات الاحتلال العنف والترهيب ضد السكان، وأقدمت على إطلاق النار داخل المنازل، كما ألقت القنابل داخل عدد من البيوت، ما أدى إلى تدمير بعضها بشكل كامل، وإلحاق أضرار جسيمة بالمنازل الأخرى، كما جرى تفجير أبواب مئات المنازل في المخيم قبل اقتحامها، وسط اعتداءات بالضرب على أصحابها. وأكد منصور أن الاحتلال فرض حصارًا كاملًا على المخيم، ومنع الدخول والخروج منه طيلة فترة الاقتحام، ما أدى إلى شح في المياه والمواد الغذائية، مشيراً إلى أن مواد التموين رغم توفرها، إلا أن الاحتلال لم يسمح إلا بدخول كميات محدودة جدًا لا تكفي لسد حاجة الأهالي.
ومنعت قوات الاحتلال إدخال الأدوية وحليب الأطفال، إضافة إلى منع طواقم الإسعاف من الوصول إلى المرضى، حيث لم يتمكن المسعفون من التعامل سوى مع خمس حالات فقط، بينها إصابة لسيدة بشظايا جراء تفجير باب منزلها. وخلال الاقتحام، حققت قوات الاحتلال ميدانياً مع أكثر من 100 شخص من أهالي المخيم، وأجبرت كثيرين منهم على النزوح القسري خارج المخيم، كما جرى اعتقال شخصين، أحدهما مطارد للاحتلال جرى اعتقاله في قرية الجديدة، جنوب جنين، ومن ثم هدم مقهى على مدخل المخيم تعود ملكيته لعائلته، إضافة إلى هدم أجزاء من مقر اللجنة الشعبية لخدمات المخيم.
وأكد منصور أن قوات الاحتلال جرفت الشوارع الرئيسية بعمق ثلاثة أمتار، ما أدى إلى إلحاق أضرار كبيرة بشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات، ما جعل عمليات إعادة التأهيل تتطلب جهودًا مضاعفة مقارنة بالاقتحامات السابقة، كما جرى تفجير غرفة بأحد المنازل بسبب احتوائها على أجهزة تسجيل لكاميرات المراقبة، ما أدى إلى تدمير المنزل بالكامل، وإلحاق أضرار بالمنازل المجاورة، وأوضح أنه وبعد انسحاب قوات الاحتلال، بدأت وزارة الأشغال والجهات المختصة منذ صباح اليوم الأربعاء العمل على إعادة تأهيل البنية التحتية في المخيم، في محاولة لإعادة الحياة إلى طبيعتها، إلا أن حجم الدمار والخراب الذي خلفه الاقتحام جعل المهمة صعبة وتتطلب وقتًا طويلًا، مؤكداً أن العدوان الإسرائيلي على المخيم كان الأقسى من بين الاقتحامات السابقة.
من جانبه، لفت رئيس لجنة الطوارئ في مخيم الفارعة معاوية خضر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن أكثر من 3 آلاف شخص من أهالي المخيم اضطروا إلى النزوح خارجه خلال العدوان، وعادوا بعد الانسحاب لكنهم واجهوا صعوبة كبيرة في الدخول بسبب الدمار وتجريف الشوارع، حيث تعرضت البنية التحتية لتدمير واسع النطاق. وأشار خضر إلى أن جيش الاحتلال اقتحم جميع منازل المخيم تقريبًا، وعمد إلى تخريب محتوياتها، إضافة إلى تدمير عشرات السيارات التي كانت متوقفة في موقف عام داخل المخيم.
وأوضح أن إعادة إعمار مخيم الفارعة وإصلاح الأضرار يتطلبان جهودًا كبيرة، إلا أن التحدي الأبرز حاليًا يتمثل في إعادة المياه، حيث يعاني المخيم من انقطاع تام للمياه منذ اليوم الأول للاقتحام، وأشار إلى أن قوات الاحتلال تعمدت إدخال كميات شحيحة جدًا من المواد التموينية، رغم المحاولات العديدة لإدخالها، لكن أكبر مشكلة واجهها الأهالي كانت نقص المياه الحاد.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي العدوان على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم السابع عشر على التوالي، ومخيم نور شمس، شرق طولكرم، لليوم الرابع على التوالي، كما تواصل عدوانها على مخيم جنين لليوم الثالث والعشرين على التوالي، وسط إجبار آلاف العائلات في تلك المخيمات على النزوح إلى خارجها. ومنذ بدء عملية "السور الحديدي" التي أطلقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة ومخيم جنين في 21 يناير/كانون الأول الماضي، بلغ عدد الشهداء في الضفة الغربية 49 شهيدًا.