اقتراح نواب أردنيين قانوناً يمنع تهجير الفلسطينيين... سعي لقوننة رفض ضغوط ترامب

07 فبراير 2025
تظاهرة دعماً لغزة في عمان، 17 يناير 2024 (رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اقترح نواب أردنيون مشروع قانون لمنع تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، رداً على تصريحات ترامب حول إعادة توطينهم، حيث تبنى المقترح نحو 50 نائباً بهدف الحفاظ على الوحدة الوطنية ورفض تحويل الأردن إلى وطن بديل.
- يستند المشروع إلى القانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة التي تحظر التهجير القسري، مؤكداً التزام الأردن بالمواثيق الدولية لحماية حقوق اللاجئين.
- يعكس المقترح رفض الأردن للتهجير القسري ودعمه للشعب الفلسطيني، ويهدف إلى قوننة هذا الموقف لتعزيز الوحدة الوطنية وحماية الأمن القومي.

اقترح عدد من النواب الأردنيين، يوم الأربعاء الماضي، إصدار مشروع قانون يمنع تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، وذلك بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن بسط سيطرة بلاده على قطاع غزة، وإعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى، منها الأردن ومصر.

وأعلن النائب خميس عطية، رئيس كتلة إرادة والوطني الإسلامي، تبني مقترح لإصدار مشروع قانون يهدف إلى منع تهجير الفلسطينيين إلى المملكة. وحتى الآن، تبنى المقترح نحو 50 نائباً من مختلف الكتل والأطياف البرلمانية والنواب المستقلين. ومن المتوقع زيادة أعداد النواب الموقعين على الاقتراح، خصوصاً أن المقترح جرى تقديمه في يوم لم يكن هناك اجتماع لمجلس النواب الأردني، الذي يبلغ عدد أعضائه 138.

وبحسب المقترح النيابي، فإن أسباب مشروع القانون جاءت بهدف عدم المساس بالوحدة الوطنية وتأكيد سيادة الأردن، انسجاماً مع أحكام الدستور بأحكامه كافة، والرفض الكامل الرسمي والشعبي الأردني لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن وطناً بديلاً، حيث إن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين، والشعب الفلسطيني هو من يقرر مصيره، إضافة إلى الرفض المطلق لتصفية القضية الفلسطينية، وتنفيذ الأردن كل الالتزامات الدولية والمواثيق والأعراف التي حرمت ومنعت التهجير القسري.

مرتكزات مشروع قانون يمنع تهجير الفلسطينيين

ويرتكز مقترح مشروع قانون يمنع تهجير الفلسطينيين على القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف لعام 1949، التي تحظر الترحيل القسري، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، الذي يصنف التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب، وقرارات الأمم المتحدة، التي تدين التهجير القسري وتدعو إلى حماية حقوق اللاجئين والنازحين، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، والذي يحظر، في مادته الـ12، الإبعاد القسري للأشخاص أو منعهم من العودة إلى أوطانهم.

خميس عطية: مقترح القانون رسالة سياسية من مجلس النواب بأن الأردن يرفض التهجير

وقال عطية، لـ"العربي الجديد"، إن "ما قمنا به في كتلة إرادة والوطني الإسلامي من تقديم مقترح قانون لمنع تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأردن رسالة سياسية من مجلس النواب بأن الأردن يرفض التهجير، ويقف مع الشعب الفلسطيني، بتثبيت صموده على أرضه حتى رحيل الاحتلال الصهيوني عن فلسطين، كل فلسطين". وأضاف: "نحن نطالب بعودة اللاجئين إلى مدنهم وبلداتهم، وليس تهجير الناس، ومن يجب أن يرحل عن فلسطين هو الاحتلال واليهود وليس الفلسطينيين أصحاب الأرض منذ آلاف السنين".
وتابع: "نحن في الأردن موحدون رسمياً وشعبياً خلف الملك عبدالله الثاني في رفض تهجير الفلسطينيين"، مشدداً على أن ما يطرحه ترامب من احتلال غزة وتهجير أهلها هو جريمة حرب وفق القانون الدولي، لذلك كل دول العالم رفضت ما طرحه ترامب.

وقال: "نحن على يقين بأن أهل غزة سيبقون صامدين على أرضهم، وسيفشل ترامب و(رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو في مؤامرتهما وستخرج غزة منتصرة". وتابع: "اقتراحنا وفق الدستور، وقد أرسل إلى رئاسة مجلس النواب ثم سيحال إلى اللجنة القانونية التي ستدرسه وتعيده إلى المجلس ثم يرسل إلى الحكومة، إذا وافق عليه مجلس النواب، الذي يدعم الاقتراح، ثم يجب على الحكومة إرساله كمشروع قانون إلى مجلس النواب لإقراره".

وحول تعامل النواب مع المذكرات واقتراح مشروع قانون يمنع تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، بيّن الصحافي المختص بالشأن البرلماني جهاد المنسي، في حديث، لـ"العربي الجديد"، أن الحراك النيابي الرافض لمقترحات ترامب تمخض عن شكلين من العمل البرلماني، الأول مذكرة نيابية والثاني اقتراح برغبة، وبحسب النظام الداخلي لمجلس النواب فإن الاقتراح برغبة يعني دعوة الحكومة للقيام بأي عمل ذي أهمية يدخل في اختصاصها. وأوضح أن المادة 141 من النظام الداخلي تنص على أنه على العضو تقديم الاقتراح برغبة إلى رئيس مجلس النواب خطياً، وعلى الرئيس إحالته على اللجنة المختصة، فيما المادة 142 تقول إنه على اللجنة تقديم تقرير موجز عن الاقتراح خلال 15 يوماً من إحالته عليها، توصي فيه إما برفضه أو قبوله، فإذا وافق المجلس عليه يتم إبلاغه إلى رئيس البرلمان ومن ثم لرئيس الوزراء. وبحسب المادة 143 من النظام الداخلي للبرلمان، فإنه على رئيس الوزراء إبلاغ المجلس بما جاء في الاقتراح الذي أحيل إليه خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً إلا إذا قرر المجلس أجلاً أقصر.

ليث نصراوين: دور مجلس النواب قوننة الموقف الأردني الرافض لتصفية القضية الفلسطينية

وحول المذكرات النيابية، أوضح المنسي أنها عبارة عن استيضاح لأعضاء المجلس عن قضايا عامة أو أمور تتعلق بالشؤون العامة، ويشترط أن تتركز على واقعة محددة بعينها، بعدد محدد من أعضاء المجلس، وإذا أحيلت للحكومة تجيب عنها خلال مدة لا تتجاوز 14 يوماً من تاريخ الإحالة. وبحسب المنسي، فإن السوابق بتقديم مقترح قانون من قبل أعضاء مجلس النواب قليلة، مضيفاً أن هذه الخطوات تحتاج إلى وقت من المجلس والحكومة.

موقف الدولة مؤيد من الأردنيين

واعتبر النائب السابق جميل النمري، لـ"العربي الجديد"، أن موقف الدولة الأردنية ضد تهجير الفلسطينيين قوي وواضح، ومُؤيد بشكل حاسم وكامل من قبل الأردنيين، كما أنه مؤيد عربياً، وحتى الكثير من دول العالم ومن أميركيين أيضاً. ورأى أن مقترح قانون منع تهجير الفلسطينيين لا يتعلق بالأردن ولا مواطنين أردنيين بالدرجة الأولى، وهنا لا نستطيع تقييم القيمة القانونية له، لكن استقبال اللاجئين قرار سيادي للدولة، وهي إما تسمح به أو ترفضه. ورأى أن مقترح القانون سياسي، ويأتي متسقاً مع الموقف الشعبي والحكومي الرافض للتهجير، وهو عامل إضافي إيجابي للموقف الرافض لمخططات التهجير.

من جهته، قال أستاذ القانون الدستوري وعميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة الدكتور ليث نصراوين، لـ"العربي الجديد"، إنه كان من أوائل من اقترحوا هذا القانون، موضحاً أنه وعلى الرغم من تزايد الضغوط الأميركية على الأردن لاستقبال الفلسطينيين من قطاع غزة، بقي الموقف الرسمي ثابتاً ويقوم على أساس الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وذلك وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.

وأضاف أن القانون آلية وطنية جديدة تدعم الموقف الأردني، الذي يمثله الملك والحكومة التي تشترك معه في تشكيل السلطة التنفيذية، من القضية الفلسطينية، وهنا تتجه الأنظار نحو السلطة التشريعية التي يجب أن تمارس دورها الدستوري المنوط بها باعتبارها تضم مجلس نواب منتخب من الشعب يُعبر عن إرادته ويمارس السلطة باسمه ونيابة عنه. وأشار إلى أن دور مجلس النواب، ومن بعده مجلس الأعيان، قوننة الموقف الأردني الرافض لتصفية القضية الفلسطينية في قالب تشريعي وطني يُجرّم اتخاذ أي قرارات مستقبلية في هذا الإطار، ويفرض عقوبات على أي من هذه الأفعال، ويعتبرها من صور جرائم الخيانة العظمى.

وبحسب نصراوين، فإن التبعات الإيجابية لإصدار تشريع أردني يمنع استقبال الفلسطينيين وتسكينهم خارج وطنهم تتمثل بإضفاء مشروعية دستورية على الموقف الحازم الرافض لمقترح نقل الفلسطينيين خارج وطنهم، والذي سيعتبره القانون الأردني جريمة تطهير عرقي بحسب القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تحظر النقل القسري للمدنيين في حالات النزاع، وتعتبر أي محاولة لتهجيرهم عن أراضيهم جريمة ضد الإنسانية وصورة من صور التطهير العرقي.

وقال إن الدول الغربية، ومن ضمنها أميركا، تقدم نفسها على أنها دول ديمقراطية تسعى إلى تعزيز الحريات الفردية وحق الشعب في المشاركة باتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة العامة، وعليه فإن إقرار قانون أردني يمنع تهجير الفلسطينيين وفق الأصول الدستورية سيبعث برسالة وطنية حاسمة بأن الشعب الأردني، بأطيافه ومكوناته كافة، يرفض المساس بوحدته الوطنية، وأنه حريص على تماسك جبهته الداخلية وعدم زعزعة أمنه واستقراره في حال إجبار أشقائه الفلسطينيين على ترك وطنهم الأم، وهو الأمر الذي ستكون له تبعات سلبية على الأمن القومي الأردني وستمتد آثاره نحو الإقليم والعالم.

ورأى أن هذا التوجه القائم على أساس تدعيم الموقف الرسمي بقوانين دستورية تتبناه دولة الاحتلال، حيث أصدر الكنيست الإسرائيلي العديد من القوانين التي دعمت موقف الحكومات المتطرفة في مواجهة الفلسطينيين، عبر اعتبارها تشريعات ذات طبيعة دستورية، نظراً لغياب دستور مكتوب في إسرائيل، ويتم الاستناد إليها لإضفاء شرعية على السياسة الصهيونية الاستعمارية في فلسطين، وبالتالي، يكون إصدار قانون أردني يمنع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم خير وسيلة للرد على هذه الممارسات العنصرية وعلى المطالبات الدولية المتكررة للأردن بقبول سياسة التهجير القسري.

المساهمون