أزمة تجسس الطلاب بين الصين وأميركا: ضريبة للخلافات السياسية؟

31 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 04:12 (توقيت القدس)
طالب صيني في جامعة بكاليفورنيا، 11 إبريل 2012 (فريديريك جي براون/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حددت الولايات المتحدة الصين كأكبر تهديد في تقرير عن التجسس الذي يستهدف الجامعات والتكنولوجيا، مشيرة إلى تهديد الحزب الشيوعي الصيني وأجهزة الاستخبارات الصينية للقدرة التنافسية التكنولوجية الأميركية.

- أثار التقرير ردود فعل من الصين، حيث حذر محللون من تأثيره السلبي على التبادلات الأكاديمية، واتخذت الولايات المتحدة إجراءات ضد الطلاب الصينيين، مما أدى إلى انتقادات من بكين.

- تراجعت الصين كأكبر مصدر للطلاب الدوليين إلى الولايات المتحدة، حيث تجاوزتها الهند في العام الدراسي 2023-2024، مما يعكس التحولات في تدفق الطلاب نتيجة للسياسات الأميركية.

حدّدت الولايات المتحدة الصين باعتبارها "التهديد الأكبر" في تقرير عن التجسس الذي يستهدف الجامعات والتكنولوجيا. ونُشر التقرير الذي أعدّه المركز الوطني لمكافحة التجسس والأمن، بالتعاون مع وزارة التعليم وهيئات فيدرالية أخرى، على الإنترنت، يوم الاثنين الماضي، وجاء فيه: "يُمثل الحزب الشيوعي الصيني وأجهزة الاستخبارات الصينية أوسع وأنشط وأشد تهديد تجسس مستمر للولايات المتحدة. كما أنه لا يزال يُمثل التهديد الأكبر للقدرة التنافسية التكنولوجية الأميركية".

الصين "تهدّد" الجامعات الأميركية

واستشهد التقرير بخطة بكين لألف موهبة لتجنيد الخبرات العلمية والتكنولوجية من الخارج، محذراً من أن الصين تستهدف المتخصصين الأميركيين في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وتكنولوجيا الكم وأشباه الموصلات والبصريات والسرعة الفائقة وأنظمة الطاقة للوصول إلى التكنولوجيا الحسّاسة والملكية الفكرية. وزعم أيضاً أن "الأعداء الأجانب"، بما في ذلك الصين، يتسللون إلى الجامعات من خلال عملاء استخبارات يتظاهرون بعد ذلك بأنهم طلاب لجمع معلومات عن زملائهم في الدراسة والأبحاث. وقال مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، الذي يشرف على مركز مكافحة التجسس، إن التقرير يهدف إلى تنبيه الكليات والجامعات الأميركية إلى التهديدات الأجنبية المتزايدة لأبحاثها وتزويدها باستراتيجيات التخفيف من حدة هذه التهديدات.

وانغ خه: السياسيون الأميركيون ينتهجون عقلية الحرب الباردة بشيطنة كل ما هو صيني

من جهتها، نقلت وسائل إعلام صينية عن محللين وأكاديميين صينيين تحذيراتهم من أن التقرير، الذي قال "لم تستهدف أي دولة الأبحاث والعلوم والتكنولوجيا الغربية بقوة مثل الصين"، قد يكون له تأثير مخيف على التبادلات الشعبية والأكاديمية.

وكانت الإدارة الأميركية قد أعلنت عن سلسلة من الإجراءات التي تستهدف الطلاب الدوليين، بما في ذلك تجميد مقابلات الحصول على تأشيرات جديدة للراغبين في الدراسة في الولايات المتحدة، إلا أن الإجراءات الأخيرة بهذه السلسلة التي أُعلن عنها في شهر مايو/أيار الماضي، استهدفت المواطنين الصينيين تحديداً.

تقارير دولية
التحديثات الحية

وفي تبرير هذا القرار، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، إن واشنطن ستبدأ بحزم بإلغاء التأشيرات الممنوحة للطلاب الصينيين، بمن فيهم أولئك الذين تربطهم صلات بالحزب الشيوعي الصيني، أو الذين يدرسون في مجالات حيوية. وأدانت بكين في حينه، القرار الأميركي ووصفته بأنه تمييزي، محذرة من أنه سيضر بصورة واشنطن على الساحة العالمية بشكل أكبر. وأضافت أن قرار روبيو باستهداف المواطنين الصينيين بشكل عدواني يكشف كذب الولايات المتحدة بشأن ما يسمى بالحرية والانفتاح.

ووفقاً لتقرير "الأبواب المفتوحة" الصادر العام الماضي، والذي رعته وزارة الخارجية الأميركية، فإن أكثر من 277 ألف طالب صيني يشكلون ما يقرب من 25% من إجمالي الطلاب الدوليين في الجامعات الأميركية. وبحسب السفارة الصينية في واشنطن، فإن الولايات المتحدة أعادت ما يقرب من 300 مواطن صيني "بشكل غير مبرر" خلال العامين الماضيين، بما في ذلك أكثر من 70 طالباً صينياً قالت إنهم يحملون وثائق سفر قانونية وصالحة.

ضريبة السياسة والمنافسة

وعن ذلك، قال الباحث في معهد الجنوب للدراسات الدولية الصيني، وانغ خه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن استهداف الطلاب الصينيين الدارسين في الولايات المتحدة، هو ضريبة سياسية يدفعها هؤلاء نتيجة المناكفات القائمة والمنافسة التقليدية بين بكين وواشنطن. وأضاف أن هذا يعكس عقلية الحرب الباردة التي ينتهجها السياسيون الأميركيون الذين يعملون على شيطنة كل ما هو صيني.

لونغ يونا: الصين عملت على تجنيد العديد من طلابها في الجامعات الأميركية لخدمة أجندتها

ولفت وانغ خه إلى أن الطلاب الصينيين هم أكاديميون التحقوا بالجامعات الأميركية كسائر الطلاب الأجانب الوافدين إلى الولايات المتحدة بغرض البحث والتحصيل العلمي، ولا صلة لهم بأي أنشطة مزعومة منسوبة إلى الحزب الشيوعي. وتابع: اللافت أن مثل هذه الإجراءات التعسفية لا تقابل من بكين بإجراءات مماثلة تستهدف الطلاب الأميركيين الذي يدرسون في الجامعات الصينية، لأن الصين دولة مسؤولة لا تخلط بين الخلافات السياسية والتبادلات الأكاديمية في علاقاتها الخارجية.

في المقابل، قال لونغ يوان، الباحث الزميل في جامعة تايبيه الوطنية (تايوان)، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الصين عملت خلال السنوات الأخيرة على تجنيد العديد من طلابها في الجامعات الأميركية لخدمة أجندتها ومصالحها الخاصة. ولفت إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي وجّه في عام 2023 اتهامات لعدد من الطلاب الصينيين بالتجسس، بعد اكتشاف أنهم حجزوا غرفة فندقية بالقرب من قاعدة عسكرية في ولاية ميشيغن، وأنه عندما تمّ فحص كاميراتهم عثروا على صور مركبات عسكرية كانت في المنطقة.

يشار إلى أنه مع تكرار عمليات الضبط الأميركية وتشديد الإجراءات على الطلاب الصينيين، تراجعت الصين بصفتها أكبر مصدر للطلاب إلى الولايات المتحدة. ففي العام الدراسي 2023-2024، تجاوزت الهند الصين لتصبح أكبر مصدر للطلاب الدوليين في الجامعات الأميركية، مع وجود 331.602 طالب هندي في الولايات المتحدة (بزيادة قدرها 23% على أساس سنوي)، وهو ما يمثل 29.4% من إجمالي عدد الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة البالغ عددهم 1.12 مليون. بينما احتلت الصين المرتبة الثانية، إذ تمثل 24.6% من جميع الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة. ومن بينهم 277.398 طالباً من البرّ الرئيسي الصيني، مسجلة بذلك انخفاضاً بنسبة 4.2% على أساس سنوي.