استمع إلى الملخص
- التأطير والسياق: يتم تأطير العنف الإسرائيلي كدفاع عن النفس بنسبة 30%، بينما يُعتبر العنف الفلسطيني عدوانًا بنسبة أكبر بعشر مرات، مع نقص في السياق التاريخي للصراع.
- المقاومة الداخلية: يواجه الانحياز الإعلامي مقاومة داخل المؤسسات الإعلامية، مثل خلافات في "نيويورك تايمز" واحتجاج موظفي "بي بي سي"، مما يدعو لإعادة النظر في تغطية الصراع.
تقدِّم دراسة أُجرِيَت على مئات المنشورات على "إنستغرام"، أدلة ملموسة وقابلة للقياس على أن وسائل الإعلام الغربي السائدة تظهر تعاطفاً أكبر بكثير مع الإسرائيليين والعنف الذي ترتكبه إسرائيل مقارنة بالضحايا الفلسطينيين. في دراسة نشرتها "مجلة الصحافة والاتصال الجماهيري الفصلية" العلمية، أجرى أستاذ الدراسات الإعلامية في معهد الدوحة للدراسات العليا، محمد المصري، تحليلاً كمياً لمحتوى أكثر من 400 منشور على "إنستغرام" من "سي أن أن" و"بي بي سي نيوز" و"فوكس نيوز" و"إم إس إن بي سي" و"سكاي نيوز"، بما في ذلك الصور الثابتة والتعليقات التوضيحية ومقاطع الفيديو. راقب التحليل متغيرات رئيسية عدة، بينها المصادر، وإضفاء الطابع الإنساني على الضحية، والإطار المهيمن.
التعاطف مع ضحايا العنف
وجدت الدراسة أن أحد الاختلالات الرئيسية يتعلّق بمستوى التعاطف تجاه الضحايا. أظهرت جميع المنابر الإخبارية الخمسة ميلاً واضحاً لإظهار المزيد من التعاطف مع الإسرائيليين مقارنة بالفلسطينيين. في المتوسط، نشرت "سي أن أن" و"بي بي سي نيوز" و"فوكس نيوز" و"إم إس إن بي سي" و"سكاي نيوز" المزيد من التفاصيل الشخصية، مثل الأسماء والأعمار والمهن والهوايات والعلاقات الأسرية، عن الإسرائيليين مقارنة بضحايا العدوان الفلسطينيين. وبالأرقام، قدّمت المنابر 0.47 تفاصيل شخصية لكل منشور على "إنستغرام" عن الضحايا الإسرائيليين، مقارنة بـ0.14 تفاصيل شخصية فقط لكل منشور عن الضحايا الفلسطينيين.
وفي أربعة من المنابر الخمسة، كانت الفوارق أوضح. تضمنت "إم إس إن بي سي" متوسط 1.14 تفاصيل شخصية لكل منشور عن الضحايا الإسرائيليين، ولكن فقط 0.09 تفاصيل عن الضحايا الفلسطينيين، وهو ما يمثل فرقاً يبلغ حوالى 13 ضعفاً. تضمنت منشورات "سي أن أن" متوسط 1.33 تفاصيل شخصية لكل منشور عن الضحايا الإسرائيليين ومتوسط 0.37 تفاصيل لكل منشور عن الضحايا الفلسطينيين. يشرح المصري أن "أبحاث دراسات وسائل الإعلام تشير إلى أن هذا النوع من التخصيص يلعب دوراً حاسماً في تعزيز الإنسانية، لأنه يساعد الجماهير على التواصل بشكل أعمق مع الضحايا. وبالتالي، فمن المعقول أن نفترض أن جماهير الأخبار قد تتعاطف أكثر مع الضحايا الإسرائيليين لمجرد أنهم يتلقون المزيد من المعلومات عنهم أفراداً". وفحصت الدراسة الروايات الشخصية العاطفية في منشورات الفيديو، فوجدت أن وسائل الإعلام الغربي أكثر عرضة بنحو أربع مرات لتقديم روايات عاطفية وشخصية عن الضحايا الإسرائيليين مقارنة بالضحايا الفلسطينيين.
التأطير والسياق
أشار ما يقرب من 30 في المائة من المنشورات التي تغطي العدوان الإسرائيلي إلى تصرفات إسرائيل باعتبارها "دفاعاً عن النفس"، وهو تناقض صارخ مع المنشورات حول عمليات المقاومة الفلسطينية، إذ أطّرها 0.5 في المائة فقط بهذه الطريقة، وهو فرق 60 ضعفاً. وعلى العكس من ذلك، كانت وسائل الإعلام الغربي أكثر عرضة بنحو 10 مرات لتأطير العنف الفلسطيني باعتباره "عدواناً" مقارنة بالعنف الإسرائيلي. تعاملت وسائل الإعلام هذه إلى حد كبير مع التغطية، كما لو أن الصراع بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مع علمية "طوفان الأقصى"، من دون سياق العدوان الإسرائيلي الموثق جيداً خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، والاحتلال المستمر للأراضي الفلسطينية والحصار الإسرائيلي طويل الأمد لغزة. 19.5 في المائة فقط من مقاطع الفيديو تضمنت سياقاً ناقداً لإسرائيل. وعلى النقيض من ذلك، كانت المنابر أكثر ميلاً إلى الخوض في التفاصيل السياقية التي كانت تنتقد الفلسطينيين، حيث تضمنت 50 في المائة من جميع مقاطع الفيديو على "إنستغرام" سياقاً ينتقد الفلسطينيين.
الإعلام الغربي يواجه مقاومة داخلية
هذا الانحياز يشهد مقاومة من الصحافيين داخل هذه المؤسسات. مثلاً، نشبت خلافات كبيرة داخل صحيفة نيويورك تايمز بشأن نشرها لتقرير استقصائي عن عنف جنسي مزعوم في 7 أكتوبر مارسته حماس، ثم ثبت زيفه. ووقّع أكثر من مائة موظف في "بي بي سي" رسالة إلى المدير العام يشكون فيها تأييد إسرائيل بشكل صريح. في مقال رأي له عبر موقع ميدل إيست آي، يعلّق المصري على دراسته، فيكتب أن "النتائج الموصوفة هنا مقلقة. تشير عقود من البحث في التقارير الغربية عن إسرائيل وفلسطين، فضلاً عن النتائج من فترة الحرب الحالية، إلى أن الكثير من البحث الذاتي أمر ضروري".