صعّدت السلطات في باكستان من استهدافها للصحافيين عقب فضّ اعتصام أنصار حزب عمران خان في إسلام أباد، مساء الأربعاء الماضي، حيث اعتقلت أجهزة الاستخبارات والأمن، صحافيين كانا يحققان في العدد الحقيقي للقتلى والجرحى جراء العملية الأمنية.
مساء أمس الخميس، كان الصحافي مطيع الله جان برفقة زملائه داخل مستشفى بمز الحكومي، حيث توجد جثامين القتلى والجرحى الذين سقطوا خلال المواجهات مع قوات الأمن. حتى وقت متأخر من الليلة، كان جان يعمل داخل المستشفى، وعند خروجه تعرّض لهجوم من مسلحين ملثمين، عمدوا إلى خطفه مع زميله ثاقب بشير، بحسب نقابات إعلامية.
لاحقاً، أعلنت أسرة جان اختطافه من قبل الاستخبارات الباكستانية، ما أثار موجة غضب، نظراً لعلاقاته القوية بالمؤسسة القضائية. وبعد ساعات من الواقعة، أفرج المسلحون عن ثاقب بشير، بينما سلّموا مطيع الله جان للشرطة. وقال بشير لوسائل الإعلام إنه عند مغادرته هو وزميله المستشفى، تعرضا للاختطاف من قبل مسلحين ملثمين، قيدوا أعينهما ونقلوهما إلى مكان مجهول، موضحاً أنه اكتشف لاحقاً أن رجال الشرطة كانوا يرافقون الملثمين.
وفي اليوم التالي، أصدرت الشرطة، الجمعة، دعوى ضد جان، متهمة إياه بتهريب المخدرات، وأشارت إلى أنه عندما حاولت الشرطة إيقاف سيارته، حاول الفرار، وعندما أوقف، حاول انتزاع سلاح أحد أفراد الشرطة. وأضافت الدعوى أنّ بحوزته مخدرات صادرتها الشرطة. لكن بشير رفض هذه التهم بحق زميله، مؤكداً أن ما كان بحوزة جان مستندات تتعلق بعدد كبير من القتلى من عناصر حزب عمران خان، وهو ما اعتبره السبب الحقيقي وراء اعتقاله.
ومثُل مطيع الله جان أمام محكمة مكافحة الإرهاب، التي قررت إبقاءه رهن الحبس الاحتياطي. لكن محاميه ونقابات صحافية قدموا طلباً إلى محكمة إسلام أباد لنقض قرار المحكمة، وبالفعل قضت محكمة إسلام أباد بإلغاء قرار المحكمة السابقة. ومع ذلك، لا يزال جان محتجزاً قيد التحقيق، في انتظار الإفراج عنه بكفالة.
وفي تصريحات للصحافيين خلال عرضه على المحكمة، نفى مطيع الله جان بشدة اتهامات الشرطة، واصفاً إياها بأنها "كذب محض"، مؤكداً أن لا علاقة له بتهريب المخدرات، وهو أمر يعرفه زملاؤه وكل من عمل معه. وأوضح أن اعتقاله مرتبط بعمله الصحافي في تغطية أعداد القتلى خلال عملية فضّ اعتصام أنصار حزب عمران خان ليلة الـ27 من الشهر الجاري، مشدداً على التزامه مواصلة التحقيق في القضية حتى بعد الإفراج عنه.
وكان جان قد صرّح قبل اعتقاله بأن عدد القتلى في باكستان كبير، وأن السلطات تحاول إخفاء الجثث والمصابين. وأضاف أنه كان يعمل على كشف هذه الحقائق، وهو السبب الحقيقي وراء اعتقاله.
"إسكات الحقيقة" في باكستان
وكانت جهات مجهولة قد اعتقلت الصحافي شاكر إعوان، في أثناء عمله على التحقيق في قضية أحداث العنف التي رافقت فضّ اعتصام أنصار حزب عمران خان في العاصمة إسلام أباد. وفي هذا السياق، قال الصحافي الباكستاني عمران رياض خان، في تسجيل مصور، إنّ حكومة باكستان وأجهزة أمن الدولة تبذل كل جهدها لإسكات الأصوات التي تحاول كشف الحقيقة، مشيراً إلى أنّ هذه الأجهزة ترتكب انتهاكات جسيمة بحق المعتصمين العزل. وأضاف أنّ السلطات تعمل على إخفاء الجثامين والمصابين، مع الإبلاغ عن اختفاء أعداد كبيرة منهم، مؤكداً أنّ اعتقال الصحافي شاكر إعوان يأتي في إطار هذه المحاولات.
وأعلنت حركة الإنصاف الباكستانيةن حزب عمران خان، رئيس الحكومة السابق، استمرار التحقيقات لمعرفة العدد الحقيقي للقتلى والجرحى بين أنصاره، نتيجة العملية الأمنية التي جرت ليلة الـ27 من الشهر الجاري لفضّ الاعتصام. وأكد الحزب أنه جرى التحقق حتى الآن من مقتل 12 شخصاً، بينما لا يزال العشرات في عداد المفقودين، ومئات آخرون رهن الاعتقال. وأشار القيادي في حزب عمران خان، المحامي لطيف كوهسه، إلى أن عدد القتلى خلال عملية فضّ الاعتصام قد يصل إلى 270 شخصاً، موضحاً أن معظم المفقودين يُعتقد أنهم قُتلوا، فيما تعمل أجهزة أمن الدولة على إخفاء الجثامين.
في المقابل، نفت الحكومة الباكستانية وقوع أي قتلى خلال العملية. وصرّح وزير الإعلام عطا الله ترار بأنّ مزاعم حزب عمران خان "غير صحيحة". ومع ذلك، قدّم القيادي في الحزب الحاكم ووزير الداخلية السابق، رانا ثناء الله، رواية مختلفة، إذ قال في تصريح صحافي إنّ العملية أوقعت 10 قتلى فقط.