السياحة السياسية في دمشق ترفع إشغال الفنادق 100%

03 فبراير 2025
توقعات بمزيد من الانتعاش للسياحة السورية، 1 يناير 2025 (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تناقض الفنادق الفاخرة في دمشق: تعكس الفنادق الفاخرة صورة مغايرة للواقع السوري، حيث توفر خدمات مستمرة رغم انقطاع الكهرباء الطويل في العاصمة، وتبرز الفجوة بين حياة النخبة والمواطنين من خلال أسعارها المرتفعة.

- السياحة السياسية والاقتصادية: بعد تحرير دمشق، أصبحت الفنادق الفاخرة وجهة للسياح والسياسيين، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الحجوزات، مع إضافة تصنيف "السياحة السياسية" لمتابعة التغيرات.

- زيادة السياحة الدينية والثقافية: شهدت سوريا زيادة في عدد الزوار لأغراض دينية وثقافية، حيث بلغ عددهم 2.1 مليون حتى منتصف سبتمبر، مع توقعات بعودة الحركة السياحية لمستويات ما قبل الثورة.

 

الصورة الأكثر تضليلاً عن الواقع السوري المتردي تعكسها فنادق دمشق، وخاصة ذات التصنيف الذهبي والخمس نجوم، فالكهرباء متوفرة على مدار الساعة هناك، في حين تقطع عن العاصمة أكثر من 15 ساعة، ويتوفر أيضاً لدى الفنادق الماء الساخن وجميع الخدمات. ويوازي سعر وجبة طعام الإفطار لشخص واحد في تلك الفنادق دخل الموظف الشهري.
"نعتذر الفندق "فول" (ليس فيه مكان شاغر)"، بهذه العبارة يردّ عليك موظفو استقبال فنادق دمشق، من فئتي الأربعة والخمسة نجوم، فمنذ تحرير العاصمة وسقوط النظام والفنادق ممتلئة، الأمر الذي فسره الاقتصادي قاسم الشريف باستمرار تدفق السياح وعودة السوريين الذين فقدوا منازلهم ولا مأوى لهم سوى الفنادق، والأهم برأيه، الوفود، وخاصة الإعلامية، التي تشغل كثيراً من غرف الفنادق الراقية بالعاصمة السورية.

ويكشف الشريف من دمشق لـ"العربي الجديد" أن الفنادق الأعلى تصنيفاً "فور سينزنز" مثلاً تشغلها "فئات محددة"، سواء الوفود الدبلوماسية أو من شرائح رجال الأعمال السوريين العائدين أو شركات عربية تحجز أجنحة أو غرفاً بشكل مستمر، أو حجوزات لضيوف الدولة السورية الذين يأتون لمقابلة المسؤولين، سواء كانوا سوريين أو غير سوريين.

ويؤكد الاقتصادي السوري أن تلك الفنادق كانت شبه فارغة خلال السنوات الأخيرة من عهد النظام البائد، عدا وفود دولية قليلة أو سياح دينيين يأتون من إيران والعراق ودول أخرى، أو رجال أعمال قلائل، كانوا يزورون سورية وغير مطلوبين أو ملاحقين من قبل أجهزة الأسد الأمنية، مشيراً في الوقت نفسه إلى زيادة أجور الحجز الفندقي "أكثر من الضعف" عما قبل تحرير دمشق، وكان متوسط حجز الغرفة بفندق خمسة نجوم في اليوم لا يزيد عن 70 دولاراً، في حين يصل حالياً إلى نحو 250 دولاراً، مبيناً أن حجز السوريين "بعد إبراز البطاقة الشخصية أو جواز السفر" أقل من حجز غير السوريين، كما يمكن تقاضي أجور الفندق بالعملة السورية والدولار.

سياحة سياسية في دمشق

حسب مراقبين، أُضيف تصنيف السياحة السياسية في سورية إلى مقاصد السياح المعروفة، من تاريخية ودينية وحتى علاجية، فتوافد من يريد أن يرى ماذا فعل نظام الأسد المخلوع بعاصمة الأمويين، لهم النصيب الأكبر من نزلاء الفنادق، سواء كانوا سوريين أو عرباً وحتى أجانب.

أضاف هؤلاء إلى قوائم من يمكن تسميتهم بسياح السياسة أو رواد "السياحة الثورية"، منهم سوريون مغتربون جاؤوا لمقابلة القيادة الجديدة والحكومة الانتقالية، كما يروي الموظف الحكومي، علي محمد: "تصور نسمع عن حجز مواعيد للحكومة والرئيس الشرع لشهرين مقبلين"، وهؤلاء من مدن سورية ومن دول عربية، أو حتى سوريون ورجال أعمال وأصحاب شركات بدول أوروبية، وهؤلاء، حسب محمد، يحجزون في الفنادق الأكثر رقياً "فور سيزنز" أو فندق "غولدن" بحي المزة وهو الأغلى سعراً بدمشق، وتصل تكاليف حجز الغرفة يومياً فيه إلى نحو 700 دولار أحياناً، بحسب الموظف السوري.

ويضيف المتحدث لـ"العربي الجديد" أن فنادق العاصمة السورية "الراقية" شبه مقسّمة بحسب نزلائها، ففي حين يتركز الإعلاميون القادمون من كبريات المؤسسات العربية والدولية في فندق "شيراتون" يذهب رجال الأعمال والوفود الدبلوماسية إلى "فورسينزنز"، وتتركز إقامة بعض مسؤولي الحكومة الجديدة "معظمهم من خارج دمشق وليس لديهم منازل" في فندق "داماروز" المعروف سابقاً بميريديان دمشق.
وتقصد فندق "الشام" وفود عربية ويغلب على نزلائه ممثلو المنظمات الإغاثية والإنسانية والمؤسسات الأهلية، وتتوزع الوفود من المحافظات وبعض الإعلاميين على بقية فنادق العاصمة "القيصر والفردوس وغيرهما".

حرج من الاعتذار في فنادق سورية

يقول مسؤول الاستقبال بفندق "القيصر" بدمشق، ربيع الزعبي: "نصاب بالحرج جراء الاعتذار لعدم وجود شاغر بالفندق، خاصة حين تأتي وفود عربية أو أجنبية، ونحاول مساعدتهم بأن نتصل بفنادق بدمشق، لأن الغرف عندنا جميعها محجوزة وممتلئة "الإشغال عندنا 100% منذ تحرير دمشق".

ويلفت الزعبي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الفندق قبل تحرير سورية وهروب بشار الأسد كان الإقبال عليه "محدوداً"، يقتصر على بعض السوريين القاصدين العاصمة للسفر أو المراجعات الحكومية، أو ضيوف أجانب بهدف السياحة الدينية، مبيناً أن إشغال بعض الفنادق كان من خلال الفعاليات أو المؤتمرات أو توجيه حجز الوفود لها، وهي معروفة وكانت قريبة من مسؤولي النظام البائد أو لهم شراكات فيها، أو حكومية تتبع لوزارة السياحة.

وعن عدد الفنادق ذات خمس وأربع نجوم بدمشق، يضيف المسؤول بالفندق أنها "معقولة"، وعلى عكس ما يروّج بأن في دمشق خمسة فنادق فقط مصنفة خمسة نجوم، بل أكثر من ضعف ما يقولون، فمثلاً لدينا "شيراتون، فورسيزنز، المزة، ميريديان، الفردوس، القيصر، جوليا دومنا، سميرا ميس، الشام، أرميتاج، بلو تاور"، وهناك فنادق أخرى وكثيرة من فئات ثلاث نجوم ونجمتين في منطقة المرجة بدمشق، خاصة "الماجد، البتراء، دمشق، الصالحية" وغيرها العشرات.
وعن بدل حجز الغرفة اليومية، يؤكد الزعبي أن السعر للسوريين "مخفّض"، ولا يتجاوز 600 ألف ليرة، عدا وجبة الإفطار، "مجموعه ما يقارب 70 دولاراً"، في حين يزيد عن ذلك بالنسبة للنزيل غير السوري ويصل الجناح إلى أكثر من 150 دولاراً. وعن متوسط أسعار الحجز اليومي بالفنادق ذات النجوم الخمس بدمشق، يشير المتحدث إلى أنها تتراوح بين 150 و300 دولار، ولكن يوجد أعلى من ذلك، بحسب الفندق وهل الحجز لجناح.

وسبق لوزير السياحة لدى نظام الأسد المخلوع محمد رامي مارتيني أن قدر عدد السياح حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي بنحو 1.68 مليون زائر عربي وأجنبي، بزيادة قدرها 5% مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق. وذكر أن الفنادق المملوكة لوزارة السياحة حققت إيرادات وصلت إلى 37 مليار ليرة سورية (كان سعر الدولار نحو 14 ألف ليرة)، فيما استقطبت البلاد نحو 150 ألف زائر من ثماني دول لأغراض السياحة الدينية والثقافية خلال الأشهر الثمانية الماضية.

وأشار إلى أن عدد السوريين القادمين إلى البلاد حتى منتصف سبتمبر/ أيلول بلغ نحو 2.1 مليون شخص، مسجلاً زيادة بنسبة 25% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وأضاف: "يستثني هذا الرقم السوريين العائدين من لبنان خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر سبتمبر، وأكد أن عدد الزوار لأغراض السياحة الثقافية والدينية بلغ 150 ألف زائر حتى نهاية أغسطس/ آب قضوا خلالها 1.30 مليون ليلة فندقية".

وتشير أرقام وزارة سياحة النظام المخلوع العام الماضي إلى أن نحو مليوني شخص دخلوا إلى البلاد خلال العام الماضي، وقُدّر عدد الليالي السياحية بـ3.5 ملايين ليلة. لكن هذه الأرقام التي تتعلّق بسياح وبالليالي الفندقية، برأي الاقتصادي قاسم الشريف، "قليلة جداً"، متوقعاً خلال "عام على الأكثر" أن تعود الحركة والسياحة إلى سورية ليزيد العدد، ربما خلال عامين أو ثلاثة أعوام عن عشرة ملايين سائح، وهو العدد الذي كان يزور سورية قبل الثورة عام 2011.

المساهمون