Skip to main content
الجزائر وإيطاليا تعززان تعاونهما في قطاع الغاز
إبراهيم عثمان
إحدى جلسات المنتدى السابع للدول المصدرة للغاز بالعاصمة الجزائرية (Getty)

شدد وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، على أن حضور وفد إيطالي إلى قمة البلدان المصدرة للغاز التي استضافتها الجزائر قبل أيام "أمر عادي ومهم جداً بالنظر إلى الصداقة والشراكة طويلة الأمد بين الجزائر وإيطاليا، والتعاون بين البلدين في قطاع الطاقة، وخاصة الشراكة في صناعة الغاز وتطويرها".

وأوضح الوزير، في رده على سؤال من موفدة وكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء، حول دعوة إيطاليا للقمة وإمكانيات تعاونها مع الدول الأعضاء في المنتدى، أن "إيطاليا موجودة معنا في كل المراحل والمناسبات الكبرى في الجزائر، ونحن نتقاسم معها خط أنابيب غاز مهم للغاية، هو خط الأنابيب العابر للقارات "إنريكو ماتَي"، والذي تبلغ سعته التصديرية 32 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهذا ليس بالأمر الهين".

وأشار إلى أن "شركة إيني الإيطالية تبرز من بين أهم الشركات الموجودة في الجزائر، وهي ترتبط بشراكة مع شركة الطاقة الجزائرية سوناطراك لاستكشاف واستغلال حقول النفط والغاز الطبيعي".

وعقدت الأسبوع الماضي أعمال منتدى الدول المصدرة للغاز على مدى ثلاثة أيام بالعاصمة الجزائرية، التي شهدت انعقاد القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات المنتدى، والموافقة على نص إعلان الجزائر، الذي أكد الحاجة إلى الغاز الطبيعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والتعاون بين أعضاء المنتدى، وضمان توفير الغاز الطبيعي، وكذا الانفتاح والشفافية وعدم التمييز في أسواق الغاز.

وأوضح الدكتور فرانشيسكو ساسّي، الباحث في مؤسسة RIE الإيطالية لأبحاث الصناعة والطاقة، أن "قمة الجزائر كشفت كيف تتعاظم منزلة الغاز الطبيعي كمورد أساسي لشرح استراتيجيات عن الطاقة، مع التطرق لعدد من المحاور السياسية".

ورأى ساسّي، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أنه "بدلاً من ترجمة الإعلان الختامي للقمة ذاتها على أنه دعم حقيقي من أوبك للغاز، وهو الأمر الذي يظل اليوم من وجهة نظري غير قابل للتحقق، فإنه يتعين علينا فهمه كتعبير عن إرادة الدول المنتجة للغاز لفرض احترام مصالحها، والدفاع عن مصداقية الغاز كمصدر للطاقة ذي أثر منخفض بالنسبة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي يتنامى حشرها، على الأقل في الغرب، في عملية التحول الطاقيّ، والنظر إليها على أنها تلحق ضرراً بالغاً بالبيئة".

ويأتي انعقاد منتدى الدول المصدرة للغاز في وقت يشهد توتراً إقليمياً ودولياً قوياً، لا سيما بعد تضرر الملاحة في البحر الأحمر، إثر الهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي اليمنية ضد السفن التجارية العابرة في البحر الأحمر احتجاجاً على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وقد أدى هذا الوضع إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز، حيث كانت الدول الأوروبية، لا سيما المطلة على البحر المتوسط، هي الأكثر تضرراً، خاصة بعد قرار قطر تعليق إمدادات الغاز الطبيعي المسال عبر البحر الأحمر.

وبخصوص صناعة الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى الدول الأوروبية، لفت وزير الطاقة والمناجم الجزائري إلى أن "شركة سنام الإيطالية ستتولى تنفيذ الأعمال الهندسية الخاصة بمشروع "ممر الهيدروجين الجنوبي"، المقرر أن يدخل حيز التشغيل في عام 2030، لتصدير الهيدروجين الأخضر من شمال إفريقيا إلى ألمانيا. وأكد أن هذا الممر سيربط على وجه التحديد الجزائر وتونس ببافاريا عبر إيطاليا والنمسا".

وتجدر الإشارة إلى أن إيطاليا كانت هي البلد الأوروبي الوحيد الذي وجهت له الدعوة لحضور قمة منتدى الدول المصدرة للغاز، بوصفها ضيف شرف النسخة السابعة، وقد مثلتها السيدة فانّيا غافا نائبة وزير البيئة وأمن الطاقة.

وفي بيان نشرته على موقعها الرسمي، ذكرت غافا أن "إيطاليا تشارك الدول الأعضاء في الكثير من الأهداف التي كانت موضع نقاش في المنتدى. ونحن نؤمن بأن الغاز مصدر للطاقة ذات الانبعاثات المنخفضة، وأنه سوف يواصل أداء دوره بالغ الأهمية في العقود المقبلة، لضمان أمن الطاقة واستقرار الأسواق، بينما نمضي قدماً في مسار التحول الطاقيّ".

وأضافت أنه "من هنا تبرز أهمية الحوار بين الدول المصدرة والدول المستهلكة كعنصر أساسي. وأنا أعتبر وجودي هنا فرصة فريدة من نوعها لتعظيم هذا الحوار، وكذا إقراراً بعلاقات التعاون التاريخية بين إيطاليا والجزائر، التي يجب أن تتعزز، وهو ما ستساعد خطة ماتّي في تعزيزه أكثر وأكثر".

وعلى هامش مشاركتها في القمة، رأت نائبة وزير البيئة وأمن الطاقة أن "مساهمة الجزائر في خطة ماتي ستساعد في تحويل إيطاليا إلى مركز للطاقة، وجسر حقيقي بين أوروبا وإفريقيا. وبما أن إيطاليا مكون أساسي في تحدي الطاقة، فلم يكن بمقدورنا الغياب عن هذا الحدث".

وكانت فانّيا قد قالت، في حديث خاص لوكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء، قبل أسبوع، إن "مساهمة الجزائر في خطة ماتّي موجهة نحو تمويل مشاريع التعاون الإيطالية الجزائرية المشتركة في البلدان الإفريقية، خاصة في منطقة الساحل".

وفيما يتعلق بالدور الذي تضطلع به بلادها، قالت إنه "لا شك في أن إيطاليا تمثل جسراً استراتيجياً مع الاتحاد الأوروبي. ما يتضح، على سبيل المثال، من خلال خط ترانسميد الذي يجعلنا مركزاً للطاقة، ويؤدي إلى النمسا وألمانيا، ونحن نعتزم المضي قدماً في هذا الاتجاه".

وأوضحت المسؤولة الإيطالية أن إيطاليا والجزائر لديهما علاقات اقتصادية ممتازة، وخاصة في قطاع الطاقة، موضحة أن "ذلك يتجلى في حقيقة أن صادرات الغاز من الجزائر إلى إيطاليا زادت بنسبة 20% في عام 2023، ومن المتوقع أن تشهد مساراً إيجابياً آخر في عام 2024".

وأوضحت فانّيا أن إيطاليا استثمرت الكثير في تنويع الإمدادات وبناء خطوط أنابيب غاز جديدة وبنى تحتية للغاز الطبيعي المسال، مشيرة إلى خط "ترانسميد"، المعروف بخط أنابيب الغاز "إنريكو ماتي"، ومضيفة أن "شركة إيني، التي تعمل في الجزائر منذ عام 1981، افتتحت مؤخراً موسم الطاقة الكهروضوئية والهيدروجين، علاوة على أنشطة التعاون القوية والمتنامية التي تربطها بشركة سوناطراك الحكومية، وبفضل الاتفاقية التي أبرمتها الشركتان مؤخراً، بدأت التحركات بالفعل للحد من حرق الغاز، وهو أحد الأهداف التي ستشاركها إيطاليا في البيان الصحافي لمجموعة السبع للمناخ والطاقة".