استمع إلى الملخص
- يركز قديح على العلاقة بين الفن والواقع، حيث يستخدم المنمنمة كعدسة معاصرة تعكس تفاعل المتلقي مع العمل الفني، مما يخلق حواراً بين الفنان والجمهور.
- يتميز المعرض بمنظور "عين الطير"، حيث تظهر الشخوص في حركة ديناميكية، مما يعكس حركة الناس في الحياة اليومية، ويحول المنمنمة إلى مساحة للتأمل والتفاعل.
في معرضه "منمنمات معاصرة" الذي افتتح منتصف الشهر الماضي في غاليري Scap بـ بيروت ويستمر حتى بعد غدٍ الجمعة، يجمع الباحث في الفنون البصرية والفنان التشكيلي اللبناني عادل قديح اشتغالاته السابقة في التجريد والمدرسة الحركية في "المنمنمة"، وهي بنية الفن العربي القديم، في استكشاف جديد لممكناتها.
يقترح قديح المنمنمة أسلوباً لقراءة مجموعة من القضايا المعاصرة مثل الحراك الشعبي، وأنماط الحياة المعاصرة. والمنمنمة تقليد مرتبط بالنصوص والمخطوطات، إلا أنها -ومنذ القرن الثاني عشر- تحولت إلى وسيلة تعبير لفنانين عرب ومسلمين، إذ تنتمي إلى الخيال بالقدر الذي تلمّح فيه وتشير إلى الواقع. ولا يصوّر قديح الأشياء كما هي، إنما يركز على علاقته بما يشاهد، ويستخدم هذا الفن القديم بوصفه عدسة معاصرة.
المعرض نتاج عمل خمس سنوات. وفيهِ تتلازم المنمنمة مع حكاية ما، تكتمل وتعقد خيوطها لدى المتلقي الذي يركّب ما يرى ضمن مشاهدته الذاتية وتجربته وسياق حياته. وإحدى القيم التي يصدّرها قديح في معرضه، هي الحوار مع المتلقي.
يرسم الفنان من منظور "عين الطير"، فتظهر الشخوص موزعة في مجالات حلزونية، ونرى شخوصه في حركة على السطح اللوحة، وكأنها كتابة تصويرية في مساراتٍ مركزُها الرائي الذي يكتسب معناه من المشهد الذي يدور أمامه، ومما يرى ويتحرك في حيزه، وأمام عينه بما تصوّره هذه التكوينات من ابتهالات وهروب وتحليق، وتراجع. وكأنها رصد لحركة الناس في التجمعات، وفي معاناة الحياة اليومية.
هاجس الفنان في الأعمال المعروضة ليسَ النسب الجمالية والتشريح المثالي للجسد بذاته، بل في الحركة والوضعية، وكذلك المجال الذي تتحرك فيه شخصياته، مرصودة بعينٍ ثابتة، وهي عين الفنان، وعين المتلقي. ليست المنمنمة المعاصرة التي يرسمها قديح مجرد زخرفة، بل مساحة تأمل وقراءة وتفاعل.