Skip to main content
لم أعد كما كنت يا أمي

مدونة عامة

صفاء الهبل



أتذكر جيداً حين تركت لي خطاً لم يبهت رغم كل هذه السنين.. لا أحد منكم يعرفها ولو كانت هنا كنت سأتفهم خوفها عليّ من العالم الافتراضي والحقيقي.. لكنها الآن تنظر إلي من الأعلى.. ترى الرؤية كاملة..!

عندما ألقاها سأخبرها لماذا أصبحت أكثر شدة وقسوة.. لماذا أريد أن أبقى وحيدة فلا شيء يستحق ضياع وقتي فيه سوى اللاشيء.

كانت تخاف من بقائي بلا رفقة.. لدي رفقة صالحة.. أشجاري، طيوري، حرفي، ورف أصابه الوهن من زحمة الكتب.

أبدأ يومي بنشيد الجمال "ممشوق القوام" كأن المرحوم علي الآنسي مازال يحيي الغصون بالغزل.. تخيلي يا أمي أني لا أتجرأ على محادثة نفسي حتى ينتهي.. وحين ينتهي..!

أحتضن فنجان البن، كما كنت تشرقين تماماً، أديره بين يدي، أحرك آخر رشفة لترسم لي خارطة القدر.. ألعب دور العرافة وأجزم أن طريقي جميل.. سيرشدني لأحقق الحلم.. أرتدي لون يومي، فعادة ما أقرر بعشوائية ولايهم!

الأهم أنني أثق بالألوان فالأبيض جميل والأسود جميل وما بينهما زاهٍ إلى حد بعيد.. ولا يعرف سوى الحقيقة.

الموت والحياة رحلة! والتأرجح بينهما في الطرقات، الباصات ممتعة أكثر.. أرى هذا العالم الممتد حولي.. أخبئ كمية من السعادة في جيبي، أسرع بإهدائها للأطفال على هيئة حلوى وأتذكر كم كانت لذيذة جداً حين تأتي من الغرباء.. مُستغربٌ لما الموت أولاً؟ لأثبت لنفسي كالعادة أني لا أخافه، فالموت ماضٍ.

الخوف والماضي يشبهان الحكايات الشعبية القديمة "شعرة" ما إن تطل من مكان عالٍ حتى تصعد وتشدك إلى الأسفل.. تتحد ذراعي مع النوافذ، ما إن يُضيء القمر حتى يستلقي الحلم أمامي وأغني "أسامر الليل حتى تطلع الأضواء".

اوه.. نسيت إخبارك يا أمي! لم أعد سجينة مذكراتي، فقد تحقق الحلم وأصبحت أقرأ واُقرأ...

مدونات أخرى