Skip to main content
كالامارد تطالب بمعاقبة بن سلمان: اغتيال خاشقجي جريمة دولة منظمة
إياد حميد ــ لندن
جدّدت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالات الإعدام التعسفي المنفذة خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامارد، تأكيدها أن جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، "جريمة قتل ارتكبت على مستوى دولة"، في إشارة إلى مسؤولية كبار المسؤولين في السعودية وعلى رأسهم ولي العهد محمد بن سلمان.

جاء ذلك في كلمة ألقتها المقررة الأممية خلال مشاركتها، أمس الثلاثاء، في ندوة نقاشية نظمها "ديوان لندن" ومنظمة "القسط" لحقوق الإنسان، في مقرّ منظمة "العفو" الدولية في لندن، وحملت عنوان "اغتيال جمال خاشقجي: السر المفضوح"، وتداولت فيها تبعات اغتيال خاشقجي.

وشارك في الندوة إلى جانب كالامارد، كل من خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز، والمحررة بصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية كارين عطية، والناشط الحقوقي السعودي يحيى عسيري.

وقالت كالامارد، في كلمتها، إنّ "مقتل خاشقجي ليس مجرد تصرفات فردية كما يزعم البعض، بل هو عملية اغتيال نظمتها الدولة السعودية"، مضيفةً "لا يوجد أي شيء حول مقتل خاشقجي يقود لأي نتيجة أخرى عدا أنه اغتيال منظم من قبل الدولة".

وأشارت إلى أنّ "هذه النتيجة مستقاة من عدد من النصوص القانونية التي تعرف تصرف الدولة، والتي يمكن تلخيصها بأنه تم استخدام مواردها لتنفيذ الاغتيال"، مؤكدةً أنه "وبناء على كل شيء نعرفه عن اغتيال خاشقجي لا يمكن أن تكون العملية قد نفذت بدوافع شخصية أو موارد فردية".

وأوضحت أنّ "الجريمة ضدّ خاشقجي مركبة من عدد من الجرائم. أولها جريمة ضدّ حقه في الحياة، ولكنها تشمل أيضاً جريمة إخفاء قسري، وفقاً للقانون الدولي، حيث لم يتم العثور على جثته بعد. كما أن عملية القتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول التركية تقع تحت الولاية القانونية الدولية كجريمة دولية. بل إن فشل الدولة السعودية في التحقيق في اغتيال خاشقجي يعدّ خرقاً للقانون بحد ذاته".



وتابعت كالامارد أنّ "المسؤولية في الجرائم التي ترتكبها الدول لا تقتصر على المنفذين، وبالتالي فإن محاكمة 11 شخصاً من فريق الاغتيال المكون من 15 شخصاً على الأقل ليست كافية. فالمسؤولية تطاول من اتخذ قرار الاغتيال سواء بشكل مباشر أو غير مباشر"، مضيفة أن "السعودية ترفض تحمل مسؤولية ارتكابها للجريمة كما ترفض الاعتذار لعائلة الضحية، وتركيا".

كالامارد: مقتل خاشقجي ليس مجرد تصرفات فردية (العربي الجديد)

وقبل نحو شهر، نشرت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان تقريراً أعدته كالامارد، من 101 صفحة، وحمّلت فيه السعودية مسؤولية قتل خاشقجي عمداً، مؤكدة وجود أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار، بينهم ولي العهد محمد بن سلمان.

وذكر تقرير كالامارد أنّ "مقتل خاشقجي هو إعدام خارج نطاق القانون، تتحمل مسؤوليته السعودية".

كما أوضح التقرير أنّ العقوبات المتعلقة بمقتل خاشقجي يجب أن تشمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وممتلكاته الشخصية في الخارج، داعياً الرياض إلى الاعتذار من أسرة خاشقجي أمام الرأي العام، ودفع تعويضات للعائلة.

وفي الندوة، أشارت كالامارد إلى أنها بدأت التحقيق في جريمة اغتيال خاشقجي بداية العام الحالي، بعدما رأت عدم تجاوب من الأمم المتحدة مع دعوات التحقيق، وطالبت في توصياتها بأن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بتعيين فريق من المحامين المختصين المفوضين بتحديد المسؤولية وأفضل الطرق لمحاكمة المسؤولين عن اغتيال خاشقجي.

كما حثت كالامارد الدول الأخرى المعنية، مثل الولايات المتحدة، بمباشرة تحقيق بالاعتماد على مواردها الذاتية، كما دعت إلى ملاحقة المتهمين في الدول التي تتبنى الولاية القضائية العالمية والتي تسمح بملاحقة الجرائم التي جرت في دول أخرى. وطالبت كالامارد أيضاً تركيا بأن تكشف عن كافة المعلومات التي تمتلكها "كي نحصل على الحقيقة كاملة، والتي هي جزء من العدالة لخاشقجي".

وأشارت أيضاً إلى أن "العقوبات الشخصية ليست كافية في هذه القضية إلا إذا وصلت لشخصيات عليا في السعودية مثل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان". 

كما شددت على ضرورة تفعيل آلية العقوبات ضد المسؤولين عن قتل خاشقجي، معربة عن "أسفها للسماح لولي العهد السعودي، المتهم الرئيس في الجريمة، بالمشاركة في قمة مجموعة العشرين الأخيرة بمدينة أوساكا اليابانية".

وقالت كالامارد، في هذا الصدد، إن العدالة لخاشقجي ليست قضية محصورة فيه "إننا نقوم بذلك من أجلنا أيضاً لمنع تواطؤ الحكومات المنتخبة في مثل هذه التصرفات"، في إشارة إلى صورة جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبن سلمان في قمة العشرين.

وتابعت أنّ "العدالة لخاشقجي تعني العدالة لجميع من يعاني من تصرفات السعودية بمن فيهم المتظاهرون في السودان". وطالبت بالكشف عن طبيعة حملات تبييض صورة النظام السعودي في الدوائر الغربية كجزء من محاربة الأخبار المضللة.


مطالبة بمزيد من الخطوات

دعت خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، إلى ضرورة اتخاذ مزيد من الخطوات ضد المسؤولين عن جريمة قتل خطيبها.

كما طالبت جنكيز، في كلمة مقتضبة، بضرورة الاعتماد على تقرير المقررة الأممية "حتى نتمكن من محاسبة القتلة"، لافتةً إلى أن التقرير يتضمن دعوة للدول الأوروبية للتعامل بشكل أكثر جدية لتحقيق العدالة.

وبينما شددت على "أن السكوت عن محاسبة القتلة يتضمن تشجيعاً لهم ليرتكبوا المزيد من جرائمهم"، لفتت إلى أنها لم تتلق أي تهديدات من مسؤولين سعوديين، إلا أنها تلقت الكثير من رسائل الكراهية السعودية. 


الإنصات للشعب السعودي

بدورها، أعربت كارين عطية، التي عملت مع خاشقجي في صحيفة "واشنطن بوست" منذ نهاية عام 2017، عن قلقها المتزايد من المخاطر التي تواجه الصحافة عموماً، ومنتقدي النظام السعودي بشكل أخص، لا سيما المعارضين في الخارج، مطالبةً بعدم الانتظار حتى تقع الجرائم الفظيعة "كي ننصت لمن يعيشون تحت هذه الأنظمة القمعية".

وتابعت "كانت هناك العديد من الإشارات عن تصرفات النظام السعودي التي سبقت اغتيال خاشقجي، مثل حصار قطر، وقطع العلاقات مع كندا، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري".

وفيما دعت إلى ضرورة إعادة النظر في طبيعة العلاقات مع السعودية واستخدام النفوذ الأميركي للضغط عليها بهدف وقف مثل هذه الخروقات، استشهدت بمطالب جمال خاشقجي بضرورة "الإنصات للشعب السعودي والابتعاد عما يجري في قصور العائلة الحاكمة".

 استشهدت عطية بمطالب جمال خاشقجي بضرورة "الإنصات للشعب السعودي" (العربي الجديد) 

وأعربت عطية عن مفاجأتها بمدى تفاعل الإعلام الأميركي مع قضية الاغتيال، في مقابل إحباطها من رد الفعل الرسمي، قائلة في هذا الصدد: "نعول على الشعوب وإرادتها لدعم الحقيقة".

وترى عطية أن قضية اغتيال خاشقجي يمكن لها أن تكون عاملاً حاسماً في حملة الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة في إطار الهجمات التي تتعرض لها الصحافة الأميركية في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي وصفها أحياناً بأنها "أخبار مضللة".

وقُتل خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية، في قضية هزت الرأي العام الدولي وأثارت استنكاراً واسعاً لم يتوقف حتى اليوم.