أهالي الغوطة الشرقية: الهروب من موت إلى موت
جلال بكور
تشهد الغوطة الشرقية المحاصرة في ريف دمشق، حالة من النزوح الداخلي، نتيجة القصف المكثف، ومحاولات الاقتحام من قوات النظام السوري المدعومة بالطيران الحربي على محاور بلدات منطقة المرج بالغوطة.

وباتت بلدات الزريقة والشيفونية والمحمدية والنشابية، خالية من السكان بشكل شبه كامل مع تقدم قوات النظام في عدة نقاط بعد سيطرتها على حوش الزريقة وحوش الضواهرة، ونزوح معظم الأهالي إلى مدن دوما وعربين وعين ترما، التي تعد أكبر مدن الغوطة المحاصرة.

وشهدت البساتين والمزارع المحيطة بمدن كفربطنا وجسرين وسقبا وحمورية أيضا، وبلدة بيت سوى نزوحا جماعيا أيضا نحو المناطق السكنية في المدن الكبيرة وسط استمرار القصف على تلك المدن.

ويهدد النزوح حياة المدنيين، نتيجة فقدانهم للبساتين والأراضي الزراعية التي تساعدهم على تحصيل بعض المواد الغذائية من الخضروات المزروعة في تلك المناطق، إذ يركز النظام اقتحامه هناك بغية حرمان المدنيين منها، وزيادة المعاناة في ظل الحصار الخانق.

ويقول الناشط عمر خطيب لـ "العربي الجديد"، إنّ المدن الكبيرة بدأت باستقبال النازحين من المناطق التي تقع على أطراف الغوطة وتشهد معارك وقصفا مكثفا، مشيرا إلى "وضع مأساوي" نتيجة فقدان الكثير من المدنيين في هذه المدن لمنازلهم التي دمرها قصف النظام، فضلا عن عدم إمكانية إيواء العدد الكبير من النازحين في الملاجئ غير المؤهلة في الأصل للسكن.

ويوضّح خطيب،" أن المدنيين "يهربون من موت إلى موت"، هناك عائلات لا تعرف بعضها باتت تعيش الآن في نفس المنزل".

ونزح "أبو سليم" مع عائلته من بلدة الشيفونية إلى مدينة دوما بعد صموده أمام قصف النظام في بلدته لأربع سنوات كاملة، يضيف لـ"العربي الجديد"، أن المنازل هناك أصبحت مكشوفة ولم تعد آمنة مع تقدم النظام على الأرض، ما اضطره إلى الفرار مباشرة دون تفكير.

"لم نحمل الكثير من أمتعتنا، أخذنا بعض ما تبقى من المؤونة وأشياء مهمة فقط وغادرنا بسرعة"، يضيف أبو سليم "كنا نستفيد من المزرعة بزراعة القليل من الخضر الآن سنحرم منها".

يقيم أبو سليم مع أقربائه في مدينة دوما، ومعهم في ذات الملجأ عائلة أخرى لا تقربهم بالرحم نزحت من بلدة الزريقة، لكنهم مجبرون على تقبل ذلك في هذه الظروف فـ"الجميع ينتظر الموت"، وفق قوله.

وتضم مدينة دوما قرابة نصف سكان الغوطة الشرقية في الوقت الحالي، أي ما يقارب 200 ألف نسمة من نازحين وأهالي المدينة، وسط دمار كبير في معظم الأحياء السكنية والأسواق، ومع اكتظاظ المدنيين وقلة المنازل الصالحة للسكن واستمرار القصف تزداد المعاناة.

وقال الناشط محمد الشامي لـ"العربي الجديد"، إنّ المدن الكبيرة أيضا تشهد حالات نزوح داخلي بين الأحياء وبشكل مستمر مع تواصل القصف وتدمير منازل المدنيين التي بات معظمها غير صالح للسكن.


ويوجد في الغوطة الشرقية المحاصرة قرابة 400 ألف نسمة، من بينهم مئات الجرحى والمصابين جراء القصف المتواصل من النظام، وحياتهم مهددة، كما يوجد مئات المرضى في حاجة لإجلاء فوري.

وكان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة، بيتر سلامة، قد أكد في تصريحات صحفية، أن قرابة 100 مريض في الغوطة الشرقية بسورية، بينهم أطفال، لهم الأولوية القصوى في الإجلاء الطبي من بين أكثر من ألف مريض ومصاب في المنطقة المحاصرة.