"خيمة المفقودات" في ساحة التحرير ببغداد: متظاهرون يعيدون مقتنيات لأصحابها
محمد الملحم ــ بغداد
لم تتوقف اتهامات الحكومة العراقية، خلال الأسبوعين الماضيين، تجاه المتظاهرين، عبر المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء اللواء عبد الكريم خلف، بحرق المباني والمحلات التجارية وتهديد سلامة البنوك، والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، إلا أن أياً من تلك التهم لم تقع أصلاً وليس لها وجود على أرض الواقع، كما يؤكد عراقيون، بل على العكس تماماً جرت وقائع وقصص تؤكد حفظهم للأمانة، وحسن تعاملهم مع الجميع.

"خيمة المفقودات" في ساحة التحرير ببغداد، تندرج في هذا السياق، إذ تضم مقتنيات تقدر قيمتها بآلاف الدولارات يحتفظ بها إلى أن تسلم لأصحابها. تمتلئ هذه الخيمة بالمفقودات، بسبب اكتظاظ الساحة بعشرات آلاف المتظاهرين وفقدان الكثير منهم لأغراضهم مثل الهواتف والحلي الذهبية ومفاتيح السيارات، إلى جانب مقتنيات مختلفة.

وبدأت هذه الفكرة، بعد أن تطوع الشاب العراقي أبو ملاك الكعبي (25 عاماً) لاستلام المفقودات والإعلان عنها بمكبرات الصوت، حتى صار مقصداً لكل من يفقد شيئاً في ساحة التحرير.

الخطوة لقيت استحسان العديد من العراقيين، ويوضح مالك مكحوف (28 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، قائلاً: من "الأشياء الإيجابية الموجودة في ساحة التحرير، هو إنشاء المتظاهرين مركزاً للمفقودات، فمن يعثر على شيء يسلمه للمسؤول عنه ويتم الإعلان عنه لإعادة لصاحبه"، متابعا: "لقد فقدت بطاقة الأحوال المدنية ووجدتها في مركز المفقودات".

بدوره، يقول أبو ملاك الكعبي (25 عاماً)، مسؤول "خيمة المفقودات" لـ"العربي الجديد": "خرجنا يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي للتظاهرات، ومن خلال جلب المتظاهرين مفقودات إلى موكبنا، بادرت بنصب خيمة وأعلنت عنها بمكبرات الصوت واتفقت مع التنسيقيات من الشباب الموجودين أن تكون خاصة باستلام المفقودات، وهكذا باشرت العمل باستلام كل الأشياء الضائعة".

ويضيف الكعبي: "استلمت جوازات سفر كثيرة لعراقيين مقيمين في أوروبا وتم إرجاعها لأصحابها، وحقائب نسائية ثمينة ومصوغات ذهبية ومبلغا ماليا قدره 3500 دولار وبطاقات شحن هاتف، وكلها عادت إلى أصحابها، وإلى غاية اليوم سلمت أكثر من ألف غرض لأصحابه وأخرى لم يظهر مالكوها بعد".

من جهته، يقول أحمد سعيد لـ"العربي الجديد"، إنّ "ما جرى من احتجاجات في منطقة السنك أجبرنا على إغلاق محلاتنا لمدة أسبوعين، وقد حافظ المتظاهرون عليها ولم يطلها أي تخريب أو حرق أو سوء".

ويشكر محمد ربيع (27 عاماً) المتظاهرين قائلاً: "نحن أصحاب محلات في منطقة السنك، نشكر المتظاهرين الذين قاموا بحماية محلاتنا، وقد جرت مواجهات كبيرة في هذا الشارع حيث تعرضت بعض المحلات لقنابل صوتية وإطلاقات نارية وحرق بعضها، لكن تم إطفاء الحرائق وحمايتها من قبل المتظاهرين إلى أن جاء أصحابها".

وقبل ثلاثة أيام، انفجرت عبوة أمام محل في جسر السنك، وحافظ المتظاهرون على المحل إلى أن جاء صاحبه في اليوم الثاني.

وتناقل ناشطون أحاديث لأصحاب محلات تجارية، وهم يشكرون المتظاهرين على ما قاموا به، برغم أنّ عصف الانفجار تسبب بخلع أبواب بعض المحلات وكسر أخرى، لكن الشباب، حسب قولهم "بذلوا جهدهم بشكل يعكس صورة مشرقة للآخرين ويدحض ادعاءات الحكومة المتكررة واتهاماتها التي عادة ما تكون لتبرير استخدام العنف المفرط ضدهم".