Skip to main content
"المركز العربي" يرصد تجارب العدالة الانتقالية في الدول العربية
بسمة بركات ــ تونس

يواصل "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، فرع تونس، لليوم الثاني على التوالي مؤتمره الثامن حول "العدالة الانتقالية والانتقال الديمقراطي". وتناولت الجلسات اليوم الجمعة، العدالة الانتقالية من خلال أبرز التجارب العربية، ومنها العراق والمغرب والجزائر.


وقال الباحث في "المركز العربي"، حيدر سعيد، والذي قدم مداخلة حول "العدالة الانتقالية في سياقها السياسي والثقافي حالة العراق" إنها كانت متعثرة وفاشلة في العراق، ولكنها كانت عابرة لبلدان الربيع العربي، مبينا أنه "لا يمكن التعامل مع العدالة الانتقالية كمرجعية فقط، بل لا بد من دراستها ضمن واقعها وسياقها".

وأضاف أن "الباحثين العراقيين قدموا عديد الأدبيات، ولكنها انطلقت من الأفكار بدل الانطلاق من الواقع المحلي والموقع الذي بنيت فيه"، مشيرا إلى أن القيمة المعرفية تتمثل في دراسة العدالة الانتقالية وكيف أثرت على المجتمع.

وقال إن "العراق عرف في التسعينيات إبادة وتهجيرا للكرديين (الأكراد) ولم يكن النزاع أهليا بقدر ما هو عنف دولة"، مبينا أن "انتفاضة 1991 والسجال الطائفي ساهم في حالة الاستقطاب المجتمعي وعزز دور النخبة الشيعية".

وعقب مداخلته، أوضح حيدر في تصريح لـ"العربي الجديد أن تجربة العدالة الانتقالية في العراق بعد 2003 بينت التعثرات التي أصابتها، مبينا أن "الأطر السياسية حولت التجربة من عدالة إلى إطار انتقامي، وهي مثال للتجربة الفاشلة حتى أن بعض المسودات في ليبيا كانت متأثرة بالتجربة العراقية".

وأضاف أنه "خلافا لأدبيات التعلم الاجتماعي في بناء السلام وتعريف الواقع والهوية فقد سارت الأمور باتجاه معاكس وتم تعريف العدالة انطلاقا من الماضي وأن الحاضر استمرار للماضي وكان الحديث عن معاقبة رؤوس النظام وإنشاء هيئات الحقيقة والمصالحة والإقرار بجريمة النظام للتحول من الدكتاتورية للديمقراطية، ولكن ما حصل انتهاء البرنامج من نموذج للعدالة إلى إطار انتقامي وهيئة للاجتثاث تقوم على القصاص وعلى العقاب".


وأكد الباحث في التاريخ المعاصر من المغرب، محمد مزيان، والذي قدم مداخلة بعنوان "المعرفة التاريخية بين ذاكرة الألم وتحقيق المصالحة المجتمعية" في تصريح لـ"العربي الجديد" أن العلاقة بين الذاكرة والتاريخ هي علاقة معقدة متعددة، مشيرا إلى أنه اعتمد على مذكرات السجناء والمعتقلين في 1971، وهي تروي تجربة الاعتقال والتعذيب، مشددا في الآن نفسه على أن التاريخ يمكن أن ينحو نحو الموضوعية والحقيقة.

وأضاف أن "تناول المذكرات تغلب عليها الانطباعية والذاتية وبالتالي تبقى محدودة، ويمكن الانفتاح على شهادات واقعية"، مبينا أن "هذه المذكرات ركزت على الاعتقال وتجربة السجن وقد درس مذكرات محمد الرايس وأحمد المرزوقي (ضابطين سابقين واجها الاعتقال) في المغرب ومن خلالهما تم الحديث عن تجربة الاعتقال في المغرب وهي تجارب قاسية وأليمة".

وقال الباحث وأستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق بالجزائر، عبد النور المنصوري، إن من تحديات المصالحة في الدول العربية أن النقاش حولها يمتد إلى نموذج للتغيير بين الفعاليات العربية والتغيير الثوري، مبينا أن "التوق إلى العدالة يقود إلى الحديث عن المصالحة".

وأشار إلى أن المصالحة في جنوب أفريقيا مثلا تحولت إلى مصالحة غائبة أشرت لها مجزرة 2012 التي تعرض لها العمال المضربون.

بدوره، قدم الباحث الجزائري، نوري دريس،  مداخلة حول الأزمة السياسية والعنف في الجزائر حملت عنوان "سوسيولوجيا مصالحة وطنية شعبوية" إن "الجزائر عرفت في التسعينيات أزمة دموية خلفت قتلى وجرحى، ومن أسبابها اصطدام إيديولوجيتين تنافستا على الهيمنة على الحقل السياسي".


وأوضح أن "الإيديولوجيا الطوباوية تبحث دائما عن كبش فداء وتسعى إلى الانتصار. أما الإيديولوجيا القومية الراديكالية فقد اصطدمت بالإيديولوجيا الدينية وهو ما أدى إلى العنف".

وفيما لفت إلى أن العنف الذي عرفته الجزائر أدى إلى فشل التجربتين الشعبوية والإسلامية في تحقيق أهدافهما في محاولة وضع مشروع طوباوي غير قابل للتحقق، وهو ما أدى إلى حصول أزمة، أكد أن "حراك الجزائر حاليا يركز على السلمية لتجاوز تخوفات التسعينيات، وهو ما يمكن اعتباره كسبا كبيرا لمسار المصالحة الوطنية في الجزائر"، على حد تعبيره.